الجديد برس : مقالات
بقلم / جميل أنعم
يردي السم البطل فيهوي بطلاً .. أما العقرب ميتاً حياً يبقى حشرة حشرة ..!
من قصيدة رثاء الشاعر السوري “أيمن أبو الشعر” للشهيد “عبدالفتاح إسماعيل”
تموت الأشجار واقفة ولا تركع، تجوع الحرة ولا ترضع من ثديها، أوراق الخريف الصفراء المتساقطة تداس بأقدام الأحرار ومن تبقى تذهب أدراج رياح عاصفة الحزن فنادق الرياض وأخواتها، وتعود الأشجار بالنمو من جديد براعم واوراق وافرع واغصان وازهار وثمار وتعود الحياة من جديد، وهكذا عندما تشيخ الأشجار لا تركع بل تموت واقفة .. حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا ..
بالأمس القريب كانوا في الساحة الحمراء عند ضريح الرفيق لينين ويتحدثون عن كاستروا وستالين، عن الإمبريالية الأمريكية، وفي القاهرة أمطرونا بناصر وقوميته التي ستقذف بإسرائيل في البحر، بالأمس القريب فتحت لهم دمشق دفئ حنايا أحضانها في وقت أغلق سائر العالم أبوابه في وجههم، وفي دمشق عرين الأسد أقاموا الندوات والمحاضرات عن يهودية آل سعود وماسونية الإخوان، فكانت كلماتهم تعلو شأنها لمجرد ملامستها الهواء الدمشقي، وكانت لهم رحلات الصيف والشتاء والخريف أما الربيع لن نتحدث عنه لأنه ماركة صهيونية بإمتياز فتراهم صيفاً يتمرغون بنفط بغداد صدام حسين وشتاءً يتدفئون بدولارات العقيد القذافي في خيمة الكتاب الأخضر بطرابلس الغرب حتى صنعاء الحرس العائلي كانت تستقبل الإخواني مشعل كالأبطال المقاومين، وبيروت الضاحية الجنوبية تفرش لهم السجاد الاحمر وترشهم بالعطور الإيرانية ..
حينها كانت عواصم الخليج والغرب مغلقة في وجوههم بل كانوا “إرهابيين” وتصادر حساباتهم في الغرب إن وجدت، فهم إما نكرة أو كفار أو … إلخ قائمة الصهيونية والإستعمار .. وكانوا يلبسون الألوان الحمراء والخضراء والبيضاء وخطابهم يجمع من الأممية والقومية حتى الوطنية عندهم عار خطاب يرفض الطرح والضرب والقسمة وحتى علامة يساوي ويقبل إشارة واحدة فقط هي الجمع والجمع أممي قومي وترجم ذلك شعراً ونثراً وكتباً وصحف ومجلات ومن لايجيد ذلك كان يصفق برجليه قبل يديه …
وعندما تساقطت أوراق الخريف الصفراء لبسوا اللون الأخضر فقط وتكلموا بلغة الطرح والضرب والقسمة فجحدوا دمشق وبيروت وصنعاء وتنكروا لبغداد وطرابلس وطهران وتناسوا القاهرة وتونس والجزائر فأحتضنتهم الرياض والدوحة واسطنبول ولندن وواشنطن وتل أبيب وبخطاب فتنة ومناطقية وطائفية وعنصرية يخرج من أفواههم كرغاء الجمال وزبدالبحار والمحيطات المالحة الاجاج فأثمر دماراً ودماء وذبح وتهجير في صنعاء وعدن ودمشق وحلب وبغداد وطرابلس وتونس فنالوا مناصب الوزير والسفير وحسابات البنوك
فتساقطوا كأوراق الخريف الصفراء وأنساهم الشيطان ان الأشجار ستعود بالثمار ومن لا تعود تموت بعزة وكرامة وإباء وشموخ تموت واقفة .. أما هم اوراق صفراء تداس هنا وتنتهي هناك فلا فائده منهم ولا أمل يرجى، كيف لا، وزهير إبن أبي سلمى يقول شعراً في معلقته الذهبية :
وسفاه الشيخ لا حلم بعده .. والفتى بعد السفاهة يحلمُ
خلاص خلاص مابعد الخرف إلا ….!