منذ أيام كنت في مدينة إب، وقد هالني ما وجدته من فوضى مرورية، تجتاح كل شوارعها تقريبا.
فحتى أبسط القواعد والمسلمات المرورية غائبه في هذه المدينة .
فمن المألوف أن ترى سرب من السيارات تتحرك عكس اتجاه الطريق وتتسبب في اختناقات مرورية، كما ستشاهد في كل شوارع المدينة سيارات تصعد الى الأرصفة الجانبية وتسير فوقها، أو تغير اتجاه سيرها قافزة إلى الطريق المعاكس عبر الرصيف الفاصل، و في هذه المدينة لا يمكن أن تجد رجال المرور حيث يحتاجهم الناس، وإن تواجدوا فهم منشغلون بأمور أخرى، فاقدين الإحساس بالفوضى والاختناقات المرورية التي حولهم.
وفي مدينة إب -أكثر من غيرها من المدن اليمنية- تحتل البسطات وعربيات الباعة المتجولين من الشوارع مساحة اكبر من المساحة المتبقية لعبور السيارات.
وفي مدينة إب لا تأبه الجهات المعنية بترميم الشوارع، ولا يعنيها رفع مخلفات البناء التي تطمر الأسفلت وتقطع الطرقات.
وقد أردت وأنا أشاهد هذه الحالة المزرية وأعيش تفاصيلها كغيري من المواطنين ، أن اتحدث إلى المرور أو البلدية أو مكتب الأشغال أو صندوق الطرق، لأطرح سؤالا هاما – كنت لا زلت عاجزاً عن صياغته-، أو لمجرد أن اصرخ غاضبا -بالنيابة عن المواطنين- في وجوه المسؤولين .
وصادف أثناء تواجدي في مدينة إب أن تلقيت دعوة لحضور المؤتمر المروري العام الذي سيقام في المدينة والذي ستحضره كل الجهات المعنية بالحالة المرورية، فتواجدت في المؤتمر الذي أقيم في قاعة الثقافة، وحضره محافظ المحافظة ومدير أمنها، ومدراء الجهات والمكاتب المعنية.
وخلال المؤتمر ألقى مدير شرطة المرور في المحافظة خطاباً، وقال فيه كلاما كثيرا عن كثافة السكان، وشحة الإمكانيات، ومشكلة الإزدحامات، وشكر القيادة على دعمها وأشاد بدور ضباط وجنود شرطة المرور، كما أشاد بدوره شخصيا وهو دور عظيم عجز عن وصفه.
ثم أكد مدير مرور محافظة إب أن إدارته حققت انجازات اسهمت بشكل حاسم في حل المشكلة المرورية، حيث قامت خلال هذا العام (وبالتعاون مع مكتب الاشغال وبمساهمات من المستثمرين) بإغلاق إحدى الفتحات في أحد الشوارع، واستحداث فتحة في شارع آخر أمام أحد الفنادق…!!!
فصفق الحاضرون وعبروا عن أهمية هذا الإنجاز.
ثم صعد إلى المنبر مدير مكتب الأشغال وتحدث كثيرا، وتلاه مسؤول في المجلس المحلي، ثم آخر من صندوق الطرق، وتحدثوا جميعا عن المشكلة المرورية، وأكدوا جميعا مشاركتهم في تحقيق الانجازات التي ذكرها مدير المرور والمتمثلة في اغلاق فتحة في إحدى الشوارع، وفتح أخرى كانت مغلقة.
وفي نهاية المؤتمر المروري قام المحافظ بتكريم مدير المرور ومنحه درعاً وشهادة.
وانتهى المؤتمر ليخرج الجميع راضين عن انفسهم فخورين بإنجازتهم .
خرج المحافظ والمسؤولون من القاعة قبل أن القي عليهم سؤالي الذي رغبت كثيرا في أن أطرحه عليهم، برغم أني كنت لا أزال عاجزا عن صياغته.