الجديد برس / تقارير / إبراهيم القانص:
لم تكن المحافظات الجنوبية هدفاً عسكرياً للتحالف كما حدث للمحافظات الشمالية، على اعتبار أنه ضامن لوقوعها تحت سيطرته، وتتقاسمها الدولتان اللتان تقودان حربه على اليمن، “السعودية والإمارات”،
حسب مصالح كلٍ منهما، لكن خطط التحالف وممارساته في المحافظات الجنوبية لا تختلف أبداً عن الهدف الأساسي من الحرب الكونية التي يشنها على اليمن ولا يميّز يمنياً جنوبياً عن آخر شمالياً؛ فالكل هدف للقتل والأرض والبنى التحتية في كل الاتجاهات هدف للتدمير والاحتلال واستنزاف ونهب الثروات.
يقتل التحالف اليمنيين من أبناء المحافظات الجنوبية بطريقة مختلفة عن التي يقتل بها إخوتهم في المحافظات الشمالية، ففي الجنوب حرص التحالف على إحداث فوضى أمنية غير مسبوقة، ومنذ وطأت قدماه عدن وما جاورها عام في نهايات عام 2015م، بدأ مسلسل القتل ولا يزال مستمراً حتى اللحظة، على شكل اغتيالات وتفجيرات وتعذيب حتى الموت في السجون السرية التي أنشأتها الإمارات لتصفية حساباتها مع كل من يقف مناهضاً لها أو معارضاً لسياساتها، بالإضافة إلى نشر وترويج المخدرات في أوساط الشباب، بل ورعاية تلك التجارية وحماية العاملين فيها، وإزاحة كل من يقف في طريقها، كونها تُدار على يد ضباط إماراتيين كبار، وتعود إليهم كل أرباحها، على حساب تدمير جيل بأكمله، حتى لا يكون في طريقهم من يقف في أمام مشاريع أطماعهم التوسعية التي طاولت أهم المواقع الاستراتيجية سواء المنافذ البرية أو البحرية أو الموانئ أو الجزر، وقد سهّل كل ذلك على الإمارات أدواتها المحلية التي تستخدمها لتحقيق كل أهدافها وغاياتها، وهي تلك التشكيلات العسكرية التي أسستها ومولت تدريبها ونفقاتها تحت مسميات الأحزمة الأمنية والنُّخب، ولا تتردد تلك التشكيلات بقادتها وأفرادها عن تنفيذ أي أمر من القيادة الإماراتية، ولا يعنيهم أن يكون الضحية أبناء بلدهم الذين يذوقون على يديهم صنوف الانتهاكات من اختطاف وإخفاءات قسرية واغتصاب ونهب ممتلكات وقتل علني، حيث جعلتهم أبو ظبي أعلى سلطة في تلك المناطق، الأمر الذي يجعلهم بعيدين عن أي مساءلة أو عقاب، أما ما تسمى القوات الحكومية التابعة لهادي فهي تابعة للقيادة السعودية، ولا صلاحية لها سوى في حدود ما تتلقاه من الرياض.
أما أكثر ما يستنزف أبناء المحافظات الجنوبية ويهدر أرواحهم، فهو الزج بهم في معارك التحالف العبثية البعيدة كل البعد عن أهدافه المعلنة، التي يضلل بها أبناء تلك المحافظات منذ اللحظات الأولى لتوغله في أراضيهم، وقد أنشأت الإمارات ألوية أطلقت عليها “العمالقة” جمعت فيها شباب الجنوب مستغلةً حالات البؤس التي يعيشونها، وبعيداً عن الجنوب والأحلام التي ظلت تخدرهم تحت تأثيرها، زجت بهم على معسكرات وألوية للدفاع عن الحدود الجنوبية للسعودية، بعد عجز جيشها النظامي عن تأمين حدود بلاده من هجمات قوات صنعاء وتوغلها إلى عمق المملكة، ومن ثم إلى جبهات الساحل الغربي تماشياً مع مخططات أبوظبي وغاياتها التوسعية التي أصبحت معروفة لدى الجميع، وفي مُقَدَّمِهم أبناء الجنوب أنفسهم، وأخيراً دفعت بهم شرقاً إلى مارب وشبوة ليكونوا وقوداً لمعارك لا شأن لهم بها، مستنزفةً بذلك أرواح مئات الآلاف منهم، وحتى اللحظة لم يجنِ أيّاً منهم سوى الوهم، فأوضاعهم لا تزال كما هي بل وتزداد سوءاً يوماً بعد آخر، لكن الهدف الذي تمضي على ضوئه الإمارات والسعودية لا يزال قائماً ويتحقق على يد المغرر بهم، وهو قتل اليمنيين بكل فئاتهم وتوجهاتهم، حتى وإن كانوا في صفوف التحالف فلا بد أن ينالهم القتل بطرق ينتقيها التحالف نفسه، إما في محارق الموت التي يعدها لهم حين يضعهم في مواجهة إخوانهم، أو بغارات طائراته وتسجيلها أخطاء غير مقصودة، كما تقول وسائل إعلامه عقب كل غارة.
أصبح الكثير من القيادات الجنوبية يعرفون حقيقة ما يبيته التحالف لليمن، الأرض والإنسان، سواء في الشمال أو الجنوب، وبالنتيجة يوجهون دعواتهم إلى أبناء المحافظات الجنوبية للتوقف عن الزج بأنفسهم وأبنائهم في محارق التحالف الذي يقاتلون في صفوفه، كان آخرهم القيادي ياسر اليماني الذي وجّه نصيحة لكل أب وأم وزوجة، بأن لا يزجوا بأبنائهم للقتال في صفوف ما وصفها بشرعية الفنادق، وأشار اليماني في تغريدة على تويتر إلى أن التحالف والشرعية جعلوا من أبناء الجنوب وقوداً لضمان بقائهم في السلطة، ونهب الثروات وبيع الوطن وتقسيمه، معتبراً ذلك تضحية من أجل حفنة من اللصوص، حسب تعبيره، موضحاً أن أبناء الجنوب لن يحصدوا من قتالهم إلى جانب التحالف سوى الموت لأبنائهم، اما الأموال والسلطة والمناصب فهي لمسئولي الشرعية، مؤكداً أن التحالف لن يعطيهم حتى رواتبهم بعد مقتلهم.