الجديد برس / تقارير / إبراهيم القانص:
وضع التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن منذ سبعة أعوام، جدولاً عملياتياً يومياً يمضي بالتوازي مع عملياته العسكرية سواء غارات طيرانه الحربي أو تحرك قواته على الأرض، في المناطق اليمنية الواقعة تحت سيطرته، حتى أصبح أشبه بإيقاع يومي،
ينام مواطنو تلك المناطق ويصحون على مشاهده التي سلبتهم أمنهم وسكينتهم، وجعلت مجرد توجّ أحدهم إلى مقر عمله أو إلى السوق لشراء احتياجات أسرته مهمةً شاقة وعملاً محفوفاً بالمخاطر، حيث لا يضمن أن يعود إلى منزله سالماً، فجدول أعمال التحالف هناك والإيقاع اليومي الذي فرضه فخخ حياة المواطنين بالاغتيالات والاختطافات والإخفاءات القسرية، والاعتداءات الجسدية، على يد التشكيلات العسكرية التي أسسها التحالف، وأشرف على تدريبها، بل وتدجينها بما يكفي لجعل الرعب وأقصى درجات الخوف واقعاً ويعيشه المواطنون بكل ما يفرزه من أشكال البؤس والألم، وكما هي عادة التحالف فكل الممارسات القذرة تنفذها تلك الأدوات التي منحها صفات رسمية كأجهزة أمن بكل مسمياتها على اعتبار أنها قائمة على تأمين الناس ورعاية شئونهم ومصالحهم، وهي الواجهة التي يجيد التحالف إخفاء بشاعاته خلفها، ويورط بها أدواته من حيث لا يشعرون.
قيادات كبيرة موالية للتحالف تقف وراء الرعب المتواصل الذي يتجرعه المواطنون في مناطق سيطرة التحالف والشرعية، حيث أوكل إليهم مهمة الانحراف بقيم ومبادئ المجتمع اليمني بنشر ثقافات دخيلة على أخلاقياته وسلوكياته الراقية، والتي تُعدُّ من أبرز موروثاته التاريخية التي ميزته على مدى آلاف السنين، ومن صنائع ورزايا التحالف التي يمارسها أتباعه قطع الطريق واختطاف العابرين الآمنين بدوافع الابتزاز أو السرقة، وأحياناً لمجرد نشر الخوف في أوساط الناس، حتى على مستوى التعامل مع ناشطين مناهضين للتحالف والشرعية فيتم تصفية الحسابات معهم بطرق دنيئة بلا معايير أخلاقية أو إنسانية، كأن يتعرضوا لتهديدات بالتصفية الجسدية على خلفية رأي لا يروق للتحالف.
كان آخر نموذج على سلوكيات التحالف المخزية ما كشفه الناشط نواف حمد ناصر، خلال الأيام الماضية، بأنه تلقى تهديدات عبر مكالمات هاتفية بتصفيته جسدياً، وحين نشر الأرقام المجهولة التي تلقى عبرها التهديدات في حسابه على تويتر اتضح أنها تابعة لقيادات كبيرة في الشرطة العسكرية بمدينة مارب، لكن أحداً لم يتخيل أن يكون أحدها تابعاً للشيخ والقيادي في حزب الإصلاح المُعيّن من التحالف محافظاً لمارب، سلطان العرادة، وهو واحد من أبرز المشائخ والقيادات القائمة على مصالح التحالف في اليمن بوفاء وإخلاص منقطع النظير على حساب سيادة ومصالح شعب بأكمله.
في السياق، لفظ أحد المعتقلين في سجون الشرعية والتحالف بمدينة مارب أنفاسه الأخيرة تحت صعقات الكهرباء والضرب والحرمان من الأكل والشرب ومنع أهله من زيارته، وليس الأول الذي يفارق الحياة تحت أشد صنوف التعذيب في معتقلات الشرعية بمارب، ولن يكون الأخير، حيث أصبح ذلك المشهد ضمن الإيقاع اليومي الذي يفرضه التحالف على اليمنيين في مناطق سيطرته.
المعتقل المقتول تحت التعذيب هو المواطن عبدالله علي سعيد قُرَّان، من أبناء منطقة واسط التابعة لمديرية الجوبة في محافظة مارب، ونزح مع عائلته إلى مدينة مارب أثناء احتدام المعارك التي انتهت بسيطرة قوات صنعاء على تلك المناطق، وقد قوبلت جريمة اختطافه وقتله تحت التعذيب في أحد معتقلات الشرعية والتحالف بمارب استنكاراً واسعاً من قبائل مراد بشكل عام، وقبائل الجوبة على وجه خاص، والذين توعدوا التحالف والشرعية بدفع ثمن باهظ مقابل جرائمهم بحق المواطنين، مؤكدين أنهم لن يتراجعوا عن طرد قوى التحالف من مدينة مارب وتحرير المواطنين مما يتعرضون له من القهر والإذلال والتعذيب والإهانة، حسب تعبيرهم.