عبدالباري عطوان يعلق على مبادرة الحوثيين ويؤكد تفوق أسلحتهم وفشل الحرب السعودية في اليمن
الجديد برس / رأي اليوم:
مُبادرة وقف إطلاق نار حوثيّة مدعومة بالصّواريخ والمُسيّرات الفتّاكة.. هل تتخلّص القِيادة السعوديّة من حالة “النّكران” التي تعيشها مع دُخول حرب اليمن عامَها الثّامن؟ ولماذا لا تتّعظ من دروس الإمارات لحِماية جبهتها الداخليّة؟ وكيف نسفت هجمات كسْر الحِصار الثّالثة أهم فرحتين رياضيّتين سعوديّتين؟
أفسَدت الهجمات التي شنّتها القوات المُسلّحة اليمنيّة التّابعة لحُكومة صنعاء بالمُسيّرات والصّواريخ الباليستيّة أهم حدثين رياضيين في المملكة العربيّة السعوديّة أوّلهما الاحتِفال بالتأهّل للتّصفيات النهائيّة لكأس العالم في الدوحة الخريف المُقبل، والثاني سباق جائزة السعوديّة الكُبرى وبُطولة العالم للسيّارات “فورميولا 1” المُقرّر أن يبدأ غدًا الأحد، الأمر الذي يعكس حالة الهلع وعدم الاستِقرار وغياب الأمن في دولة تحتل المرتبة الأولى عالميًّا في إنتاج النفط وصادراته.
الحريق الذي اندلع في مُنشآت أرامكو النفطيّة في مدينة جدة ولم تنجح أكثر من 50 فرقة مُكافحة النّيران إلا في إطفاء أحد خزّاناته بعد 24 ساعة من اندِلاعه، وما زالت تُكافح لإطفاء الخزّان الثّاني، كان الأضخم من نوعه مُنذ بداية الحرب قبل سبع سنوات، وغطّت سُحُب دُخانه الكثيفة مُعظم المدينة، وسط حالة من الهلع غير مسبوقة، هذا الحريق يُؤكّد أن موازين القِوى على الأرض باتت تميل إلى صالح حُكومة صنعاء، وتضع القِيادة السعوديّة وصُورتها، وأمنها، واستِقرارها في موقفٍ حَرِجٍ للغاية وفي وقتٍ ينشغل فيه العالم بالحرب الأوكرانيّة شِبْه العالميّة.
الحوثيون الذين أثبتوا أنهم يملكون رصيدًا ضخمًا من الصّواريخ الدّقيقة، والمُسيّرات المُتطوّرة وخبرة قتاليّة وتقنيّة عالية من خِلال هجماتهم الأخيرة التي شملت مُنشآت في عدّة مُدن أُخرى مِثل الرياض العاصمة وأبها وخميس مشيط وينبع وجازان ونجران، أرفقوا هذه الهجمات بمُبادرة هُدنة بوقف إطلاق النّار، ومن موقع قوّة، طِوال شهر رمضان المُبارك، مُقابل رفع الحِصار السعودي عن مطار صنعاء وميناء الحديدة.
لا نعرف كيف ستتعاطى القِيادة السعوديّة مع صدمة هذه الهجمات الدّقيقة والمُؤثّرة، والصّواريخ والمُسيّرات المُستَخدمة فيها، التي أثبتت فشَل الدّفاعات الأرضيّة السعوديّة (صواريخ الباتريوت) في التصدّي لها ومنع إصابتها لأهدافها، مثلما لا نعرف أيضًا ما إذا كانت ستتجاوب بشَكلٍ إيجابيّ مع المُبادرة الحوثيّة لوقف إطلاق النّار أمْ لا، لكن ما نعرفه بشَكلٍ مُؤكّد أن الحرب التي شنّها التحالف السعودي الإماراتي على اليمن قد بدأت تدخل مرحلة الفشَل الكامِل بعد إكمالها سبع سنوات من عُمرها، ودُخول العام الثّامن.
ليس أمام القِيادة السعوديّة من خِياراتٍ بسبب التغيّر الكبير في موازين القِوى على الأرض لصالح جماعة “أنصار الله” الحوثيّة غير القُبول بالمُبادرة المطروحة لوقف إطلاق النّار، والجُلوس على مائدة المُفاوضات وجهًا لوجه مع حُكومة صنعاء في أيّ دولة مُحايدة، والتخلّي عن كُل أساليب الغطرسة والفوقيّة والاستِكبار، وأن تفعل ما فعلته شريكتها الإمارات والتوصّل إلى “تفاهمات” أدّت إلى وقف الهجمات الصاروخيّة ضدّها، وإلا فإنّ الهجمات المُستقبليّة لن تتوقّف فقط عند استِهداف المُنشآت النفطيّة، وستمتد إلى مُنشآتٍ حيويّة حسّاسة خاصَّةً محطّات تحلية المِياه وخزّاناتها التي تُوَفِّر مُعظم حاجات المُواطنين والمُقيمين في السعوديّة من المِياه.
“عاصفة الحزم” التي شنّتها السعوديّة قبل سبع سنوات فشلت في تركيع حركة “أنصار الله” وحُلفائها، عندما كانوا يُقاتلون بالخناجر والأسلحة الخفيفة، ومن المُؤكّد أن استِمرارها الآن، أو في المُستقبل، في ظِل وجود الصّواريخ الباليستيّة والمُجنّحة والطّائرات المُسيّرة، أبرز أنواع الانتِحار والمُكابرة، وهذه النّتيجة المكتوبة على الحائط لا نقولها نحن، وإنّما مضمون الرّسالة التي تحملها الهجمات الأخيرة، والسّعيد من اتّعظ بغيره.. واللُه أعلم.