الجديد برس| تقرير*:
على الرغم من المناورات التي يخوضها في وجه الحزب الديموقراطي الأميركي وعلى رأسه الرئيس الأميركي جو بايدن، يعلم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ان الدوران في فلك التبعية للولايات المتحدة قدر رسمه لنفسه ولرعيته، وإنما اللعب بالأحجار على الرقعة الدولية ما هي إلا في سبيل تحسين شروط هذه التبعية لا أكثر، ولهذا يمكن وضع كل المساعي التي أبداها بن سلمان للحديث مع بايدن ثم التمنّع عن الاستجابة لمطالبه بعد رفض الأخير لقاءه والحديث معه، إضافة للزيارات السرية التي عقدت بين الجانبين مؤخراً، ضمن هذا الاطار، وذلك لكثرة الملفات العالقة بين الجانبين، منها الحرب على اليمن، الاتفاق النووي الإيراني، نية الاستدارة السعودية نحو طهران، موقف الرياض من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وارتفاع أسعار النفط العالمية.
حيث كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير لها عن” لقاء سري تم بين مدير المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان الشهر الماضي، ضمن جهود أمريكية لإصلاح العلاقات مع المملكة”.
وبحسب مسؤول أمريكي فإن الزيارة أثمرت حواراً جيدًا ونبرة أحسن. وجاء في التقرير أن بيرنز قام الشهر الماضي بزيارة غير معلنة إلى السعودية والتقى مع ولي العهد، في وقت تحاول إدارة الرئيس جو بايدن إصلاح العلاقات مع شريك أمني رئيسي لها في الشرق الأوسط. وأضافت أن لقاء بيرنز مع محمد بن سلمان تم في مدينة جدة الساحلية التي تقضي فيها القيادة السعودية معظم شهر رمضان، منتصف شهر نيسان/ أبريل.
وتشير الصحيفة إلى انه على “رغم عدم توفر التفاصيل حول ما دار في الاجتماع، إلا أن مصادر التوتر السابقة بين السعودية وأمريكا تشمل على معدلات إنتاج النفط والغزو الروسي لأوكرانيا والصفقة النووية مع إيران والحرب في اليمن. ووصف مسؤول أمريكي لقاء مدير المخابرات في السعودية بأنه كان حوارا جيدا وبنبرة أحسن من لقاءات الحكومة الأمريكية السابقة”. حيث اشارت الصحيفة إلى ان بيرنز “عمل سابقاً مساعداً لوزير الخارجية، ودرس السعودية وعيّن في مناصب بالشرق الأوسط، ولديه خبرة في الدبلوماسية السرية. ففي فترة باراك أوباما ساعد في اللقاءات السرية مع الإيرانيين والتي قادت إلى اتفاقية عام 2015.
وتأتي رحلة بيرنز إلى المملكة في وقت وصلت العلاقات الأمريكية- السعودية إلى مستويات متدنية، حيث دعا المرشح جو بايدن في حملته عام 2019 إلى معاملة السعودية كدولة منبوذة، وذلك بسبب سجلها في حقوق الإنسان ومقتل الصحافي جمال خاشقجي. وسمح بايدن بنشر تقييم سري للمخابرات الأمريكية وجّه أصابع الاتهام إلى محمد بن سلمان في مقتل خاشقجي. ونفى ولي العهد أي تورط في الجريمة، وأخبر مسؤول الأمن القومي جيك سوليفان الذي قابله في أيلول/سبتمبر، أنه يريد ألا يناقش أبدا موضوع خاشقجي.
ومنذ ذلك الوقت، رفضت السعودية الاستجابة لمطالب الولايات المتحدة بزيادة معدلات إنتاج النفط من أجل تخفيض أسعاره. ورفض متحدث باسم وكالة المخابرات المركزية التعليق على رحلات بيرنز، ولم ترد السلطات السعودية مباشرة على طلب التعليق
وتعلّق الصحيفة أن الصدع في العلاقات بين البلدين تعمق منذ غزو روسيا لأوكرانيا، وذلك حسب مسؤولين بارزين من كلا البلدين. والمخاطر بالنسبة للولايات المتحدة هي توجه السعودية نحو روسيا والصين، أو أن تواصل الحياد في موضوعات تعتبر مهمة للأمن القومي الأمريكي، كما في أوكرانيا.
وأكد البيت الأبيض سابقاً على التزام الولايات المتحدة ودفاعها عن وحدة الأراضي السعودية. وقال المسؤولون السعوديون في سفارة واشنطن إن العلاقات قوية. وزار عدد من المسؤولين الأمريكيين المملكة في العام الماضي في محاولة لرأب الصدع ومعالجة مظاهر القلق السعودي، مثل التهديدات الأمنية من إيران وجماعتها الوكيلة في اليمن. إلا أن الرئيس بايدن عارض أي تنازلات واسعة للسعودية، بشكل لم يحدث إلا تقدماً بسيطاً.
المشرفة على شؤون الخليج في مجلس الأمن القومي في عهد دونالد ترامب، كريستين فونتينروز، قالت: إن إدارة بايدن تحاول تحديد شخص له حظوة لدى السعوديين و “هم يبحثون عن المناطق التي تتسم فيها العلاقات بالقوة والتعامل من هناك”. ومنذ توليه منصب مدير سي آي إيه في العام الماضي، قام بيرنز بـ15 رحلة إلى الخارج، منها تلك التي قام بها إلى العاصمة الأفغانية كابول في آب/ أغسطس للقاء مسؤولين في حركة طالبان. ولعب دوراً مهماً في رد إدارة بايدن على الحرب في أوكرانيا، وزار في تشرين الثاني/ نوفمبر موسكو ليحذر الرئيس فلاديمير بوتين من عواقب الغزو.
* الخنادق عن وول ستريت جورنال