الجديد برس /
وسط توقعات ركيكة بتراجعها خلال الربع الأخير من العام الجاري نسبياً في حال توصل مجموعة أوبك بلس لاتفاق جديد يقضي برفع إنتاج النفط بما يعيد التوازن بين العرض والطلب العالمي ، ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها لأول مرة منذ العام ٢٠١٤ ، في الأسواق العالمية منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية منتصف فبراير الماضي ، لتسجل أرقاماً صادمة تتهدد الاقتصاد العالمي بركود حاد ، الأزمة الجديدة التي صنعتها امريكا ودول الغرب يفرضها عقوبات اقتصادية غير مدروسة على صادرات النفط الروسي لتتسبب بإختلال كبير في ميزان العرض والطلب العالمي على النفط ، دفعت مؤشر أسعار المستهلكين في امريكا وبريطانيا وأوروبا ودول شرق آسيا ودولاً عربية وأفريقية وشملت دول الخليج المصدرة للنفط ، حتى الأمس فشلت كل الجهود الدولية التي بذلت للسيطرة على الاضطرابات التي يشهدها سوق النفط العالمي ، فمعدل الاستهلاك اليومي تجاوز ال ١٠٠ مليون برميل يومياً ، ومعدلات الطلب تفوق الطلب وهو ما أدى إلى فشل كافة الإجراءات التي اتخذتها الدول المصدرة للنفط والتي كان آخرها رفع الإنتاج باكثر من ٦٤٥ الف برميل ، لكن يرى خبراء النفط الدوليين أن السوق في حاجة لرفع الإنتاج العالمي لأكثر من ١٠ ملايين برميل يومياً ،ويرون بأن الحلول المتوسطة الأجل لن توقف التصاعد الكبير في معدل الطلب على النفط في الأسواق العالمية .
وبعكس الازمات التي تقف ورائها أمريكا والتي غالباً ماتخرج منها بأقل الخسائر ، تمكنت موسكو التي ثالث منتج للنفط في العالم أن تنقل تداعيات الحصار إلى الأسواق الأمريكية منذ الوهلة الأولى ابتداء بارتفاع اسعار الغذاء مروراً بالارتفاعات التي ضربت اسعار الوقود في أمريكا والتي تجاوزت أكثر من ١١٠%، مقارنة باسعارها السائدة قبل الحرب الروسية الأوكرانية ، وبالمثل ارتفعت أسعار الخدمات والسلع إلى معدلات غير متوقعة حتى ساد السخط العام في أوساط الأمريكيين ضد إدارة جو بايدن الذي وجد نفسه عاجزاً عن الحل وفاقد للسيطرة امام تداعيات هذه الازمة ، والحال انسحب على واقع المواطن البريطاني الذي اصطدم بارتفاع أسعار الوقود إلى اعلى مستوي لأول مرة منذ 49 سنه ، ونفس الاثار تعايشها الأسواق الأوروبية ايضاً وأسواق دول شرق اسيا والصين وان كان بمستوى اقل وكذلك الهند وصولاً إلى معظم الدول العربية ومنها دول الخليج ، هذه التداعيات ادت إلى ارتفاع معدلات التضخم العالمي إلى مستويات كبيرة ، ما دفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأسبوع الفائت إلى اللجوء لرفع معدل الفائدة لسحب المعروض من الأموال في السوق بهدف تقليل وقف انهيار القيمة الشرائية للدولار نتيجة إرتفاع أسعار الوقود والغذاء والخدمات في الأسواق الامريكية، وهذه السياسة الانكماشية تهدف إلى تقليل المعروض من النقود من ايادي الامريكيين لكي تقلل من الاستهلاك او الاتفاق الكلي في محاولة منها للحفاظ على سعر الدولار في حدود معينة ، وهو ما يعده المواطن الأمريكي سياسة افقار متعمده ضدة تمارسها إدارة بايدن ، كون تداعيات هذه السياسة التقشفية ستودي إلى تراجع مؤشرات الاقتصاد الكلي وستدفع نحو ارتفاع معدلات البطالة والفقر في المجتمع الأمريكي .
نفس الحال تعيشه بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي ودول شرق اسيا، وعلى نفس الاتجاه الأمريكي قررت البنوك المركزية في السعودية وقطر والبحرين والكويت الأسبوع الماضي رفع أسعار الفائدة ، وارجعت ذلك القرار إلى ضرورة المحافظة على الاستقرار النقدي والمالي، وفي ضوء التطورات المحلية والعالمية، رغم ان معظم الدول المصدرة للنفط ارتفعت عائداتها من مبيعات النفط لأول مرة منذ العام 2014 ، وبلغت عائدات السعودية من مبيعات النفط في مارس الماضي وفق تقديرات عالمية 30 مليار دولار.
الأسواق اليمنية لن تكون بعيدة عن الاضطرابات التي يشهدها السوق العالمي للنفط ، كون المحافظات الواقعة تحت سيطرة صنعاء والتي تعد أحد أهم الأسواق الاستهلاكية في اليمن ، تستورد احتياجاتها من الوقود بانواعة ” البنزين – الديزل _ المازوت ” من الأسواق العالمية ووفقاً لأسعار البورصة ، وخاصة في ظل استمرار الحكومة الموالية للتحالف ودول التحالف السعودي – الإماراتي تواصل نهب النفط اليمني الخام بنوعية خام المسيلة الثقيل وخام صافر والعقلة الخفيف ، وتصادر عائداته المالية التي تصل إلى قرابة ٢ مليار دولار سنوياً .
وان كانت العديد من المؤشرات تشير إلى أن وقع الأزمة العالمية على الأسواق المحلية في المناطق الواقعة تحت سيطرة صنعاء ستكون أقل تأثيراً من وقعها على المستهلك في المحافظات الجنوبية والشرقية ، كون التحالف باجراءاته الانتهازية التي مارسها على واردات المشتقات النفطية القادمة نحو ميناء الحديدة ، وتعمدة احتجاز السفن لاشهر مما أدى إلى ارتفاع غرامات التأخير إلى معدلات ملايين الدولارات لتصل فاتورة غرامات السفن المحتجزة وخسائرها مليارات الدولارات خلال السبع سنوات الماضية .
إلا أن ذلك لا يعني أن اليمن المحاصر سيكون بعيداً عن تأثيرات هذه الأزمة العالمية للنفط ، بل يرى اقتصاديون أن ارتفاع أسعار النفط عالميا سيرفع تكلفة الواردات البترولية اليمن وخاصة لصنعاء التي يصل احتياجها الفعلي الشهري في الوضع الطبيعي إلى 129 الف طن من مادة الديزل التي تكتب المرتبة الأولى في قائمة الاستهلاك المحلي لارتباطها بالقطاع الزراعي والإنتاجي والخدمي ، يضاف إلى 114 الف طن شهرياً من مادة البنزين المستورد .
معدل أسعار الوقود في الأسواق العالمية ووفقاً البورصات أخذ منحنى تصاعدي منذ مطلع يناير 2021 ، الذي لم يكن حينها يتجاوز سعر البرميل البنزين 58.91 دولار للبرميل ، و58.10 دولار للديزل ، الا ان اثار جائحة كورونا أدت إلى ارتفاع أسعار الوقود عالمياً لتصل إلى 85.67 دولار للنزين و82,78 دولار للديزل ، وقبيل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ارتفع سعر البرميل من وقود البنزين إلى 96.16 دولار وفي موازاة ذلك ارتفع سعر الديزل إلى 96.24 دولار مدفوعاً بمخاوف عالمية من انتشار موجة جديدة من الأوبئة ، ومع اندلاع الحرب الروسي الأوكرانية قفزت أسعار البنزين منتصف فبراير إلى 108,29 دولار للبنزين ، و107.79 دولار للديزل ، وضاعفت العقوبات الامريكية الغربية مؤشرات ارتفاع أسعار النفط ليرتفع سعر البرميل البنزين في مارس الماضي إلى 129 دولار ، والديزل إلى 136.79 دولار ، ودون توقف وصل سعر البرميل من البنزين وفقاً لأسعار البورصة في يونيو الحالي 149,28 دولار ارتفع سعر البرميل الديزل إلى 163.48 دولار ، ومع أن الارتفاع المهول بأسعار الديزل خلال العام والنصف الماضي بلغ أكثر من من ٢٢٠% خلال الفترة ، وبلغ ارتفاع سعر البنزين خلال الفترة يناير 2021-يونيو 2022 ، أكثر من 198% ، وخلال يناير -يونيو من العام الجاري ارتفع سعر الديزل وفقاً لاسعار البورصة بنسبة 73% وحقق البنزين ارتفاع بنسبة 59% ، مع ذلك يباع بسعر التكلفة في صنعاء وأثاره تلك الازمات تعد الأقل خلافاً لأسعار البنزين في عدن الذي ارتفع بنسبة 15% ليصل إلى 26 الف ريال الصفيحة سعة 20لتر .
يشار إلى أن سعر النفط الخام يصل إلى 121دولار للبرميل وفق البورصات العالمية ، ولكن ارتفعت تكلفة النقل البحري وبسبب ارتفاع الطلب أصبح الطلبات تنفذ بعد نصف شهر ، وهناك ايضاً أزمة عالمية في مادة الديزل نظراً لاثار مقاطعة أوروبا لشراء الفحم الروسي الذي يستخدم في توليد الكهرباء مما أدى إلى ارتفاع الطلب العالمي على الديزل ، ونسبة استخراج الديزل من كل برميل نفط خام طفيفة، فكل برميل من النفط الخام يساوي 159 لتراً من المواد الخام ، وينتج منه اثناء تكريره في المصافي ( 25% ديزل بواقع 41 لتر ، وبنزين ” بترول ” بنسبة 35% بواقع 56 لتر ، ومواد تشحيم وتلميع بنسبة 22% بواقع 35 لتر ، وازفلت بنسبة 2,3% أي من 3.7 لتر ، ومواد بتروكيماوية بنسبة 4,1% أي 6.5 لتر ، ووقود للطائرات بنسبة 4,7% أي 7,5 لتر ، ووقود بحري بنسبة 5% أي 8 لتر ) ، لذلك اسعار الوقود أعلى من سعر النفط الخام .