الجديد برس| تقرير*:
فجّر ما يُسمى بـ “إعلان القدس التاريخي” الذي وقعه الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، يائير لبيد، خلال مؤتمر صحافي مشترك في مدينة القدس المحتلة أمس، حالة من الغضب الفلسطيني وأشعل نار الانتقادات للإدارة الأمريكية ونهجها الجديد.
الجميع اعتقد بان هذا الإعلان كمثل أي تعهدات سابقة تجري بين إسرائيل وأمريكا، ولكن فور الكشف عن بنوده ونشرها عبر وسائل الإعلام المختلفة، حتى كُشفت تفاصيل المؤامرة على القضية الفلسطينية والمقاومة، خاصة أن من أهم بنوده إعطاء تفويض لدولة الاحتلال باستهداف “كل من يشكل خطرًا عليها”.
فصائل وقوى وشخصيات فلسطينية التي صبت جُل غضبها على الرئيس الأمريكي، اعتبرت ما يسمى بـ”إعلان القدس” إعلان حرب صريح على القضية الفلسطينية ومقاومتها، ومنح الشرعية للاحتلال ودمجه في المنطقة العربية والإسلامية وإعطائه الضوء الأخضر للعدوان والتصعيد تحت غطاء “حماية مصالحه”.
ووقع بايدن ولبيد، اتفاقا مشتركاً يرسخ التعاون بين بلاده وكيان الاحتلال، ويعبر عن “موقف واضح وموحد ضد إيران وبرنامجها النووي”، ودعم وضمان تميز “إسرائيل” في المنطقة ضد أعدائها.
ونصّ “إعلان القدس” على التزام واشنطن بما يسمى “أمن إسرائيل” والحفاظ على التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي، وعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي ومواجهة ما يسمى “الأنشطة الإيرانية” بالمنطقة في إشارة إلى دعم حركات المقاومة في المنطقة سيّما حزب الله وحركتا الجهاد الإسلامي و”حماس”.
كما شمل الإعلان التعهد بالدعم العسكري للكيان بميزانية دفاعية ضخمة تصل إلى 38 مليار دولار على مدار السنوات القادمة بما في ذلك دعم منظومة القبة الحديدية والبحث عن مصادر تعزيز قوة أخرى للحماية من الصواريخ بالإضافة للتعهد برصد ميزانية دعم حال تعرض الكيان لمعركة عسكرية على غرار معركة “سيف القدس” في أيار 2021.
وجرى التطرق في الإعلان إلى أهمية بناء هيكل إقليمي لتعميق علاقات إسرائيل وشركائها ودمجها في المنطقة عبر اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية كعامل دعم ومساندة للجهود ضد إيران وسعياً لتعزيز ما يسمى “الدول المعتدلة” في المنطقة، في إشارة إلى دول التطبيع.
واتفق الجانبان في الوثيقة على محاربة معاداة السامية ومحاولات مقاطعة إسرائيل ومحاولة “نفي حقها في الدفاع عن نفسها، أو تمييزها بصورة غير نزيهة في أي هيئة، بمن فيها الأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية الدولية”. وأضافا أنهما يعارضان حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها (BDS).
- غضب فلسطيني
حركة “حماس” أعلنت رفضها القاطع لما تمَّ التوقيع عليه، في وثيقة ما يسمّى “إعلان القدس”، بين الإدارة الأمريكية وبين دولة الاحتلال.
وشددت على أن هذه الوثيقة جاءت تكريساً لنهج واشنطن في الانحياز للاحتلال ودعم عدوانه ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته الإسلامية والمسيحية، واستمراراً لمحاولاتها المشبوهة في تصفية القضية الفلسطينية عبر دمج هذا الكيان الغريب في جسم الأمة العربية والإسلامية.
وأوضحت أن ما جرى يعد تعبيراً عن فشل الاحتلال في مواجهة حالة الرفض والنضال المستمر من شعبنا وقواه الحيّة، دفاعاً عن ثوابته الوطنية وحقه في الحريّة وتقرير المصير، وقالت حماس في بيانها: “إنَّنا في حركة حماس، وأمام انحياز الإدارة الأمريكية الفاضح وغير المقبول للكيان الصهيوني وأجنداته الاحتلالية، واستهتارها بقضيتنا الوطنية في التحرير وتقرير المصير، ما يجعلها شريكة له في عدوانه وإرهابه ضد أرضنا وشعبنا ومقدساتنا”، فإنَّنا نؤكّد ما يلي:
أولاً: إنَّ وثيقة ما يسمّى “إعلان القدس” ما هي إلاّ فصلٌ جديد من فصول تكريس الاحتلال، وتعزيز الإرهاب الأمريكي الصهيوني المشترك، الموجّه ضدّ أرضنا وشعبنا ومقدساتنا، كغيرها من المواثيق والمعاهدات الباطلة، التي خَبرَها شعبنا عبر تاريخه النضالي، واستطاع بفضل صموده ومقاومته إحباطها وإفشالها.
ثانياً: نحذّر من خطورة ما ورد في هذه الوثيقة، على حاضر ومستقبل وأمن واستقرار أمَّتنا العربية والإٍسلامية وشعوبها، عبر محاولة دمج هذا الكيان الاحتلالي الغريب في جسدها، وندعو إلى حشد كلّ القوى في الأمَّة نحو رفض ما يسمى “إعلان القدس”، وعدم الرّضوخ للإملاءات الأمريكية، التي ترعى مصالح العدو الصهيوني على حساب مصالح الشعوب العربية والإسلامية وقضية الأمّة فلسطين.
ثالثاً: ندعو شعبنا وفصائله وقواه الوطنية إلى إعلان رفض هذه الوثيقة، والمضي قدماً في طريق النضال بالمقاومة الشاملة حتى تحقيق تطلعات شعبنا في التحرير والعودة.
بدوره أعرب الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني “فدا” عن إدانته الشديدة ورفضه القاطع لكل ما جاء في بنود ما يسمى “إعلان القدس للشراكة الاستراتيجية” بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
وقال “فدا”: “إن هذا الإعلان مرفوض رفضا قاطعا ومدان بشدة ويمثل تأكيدا جديدا على الانحياز الأمريكي السافر لإسرائيل وعلى موقعها المتقدم في المشروع الاستعماري للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة وبمثابة عدوان وإعلان حرب على شعبنا الفلسطيني وحقوقه وتطلعاته ومصالحه العليا وعلى شعوب أبناء أمتنا العربية والأمة الإسلامية وحقوقهما وتطلعاتهما ومصالحهما العليا”.
وأضاف “فدا”، أنه إذ يرفض بشدة الكلام الباهت الذي جاء في الإعلان إياه حول التزام الولايات المتحدة بـ “حل الدولتين” وما يتصل به من كلام حول الشأن الفلسطيني فإنه يؤكد على أن هذا الكلام بمثابة شيك غير قابل للصرف وبموازاة ذلك جاء الالتزام الأمريكي لصالح كيان الاحتلال مدعوما بالقرائن والأرقام والخطط العملية، وهو بذلك – الإعلان – يمثل شيكا مفتوحا وورقة بيضاء يوقعها بايدن لصالح إسرائيل من أجل الاستمرار في احتلالها لفلسطين وتعزيز هذا الاحتلال وتوسيعه وتأبيده.
وأكد الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني، رفضه القاطع لما جاء في الاعلان بخصوص حركتي حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله وقال إن حركتي حماس والجهاد الإسلامي جزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي الفلسطيني والحركة الوطنية الفلسطينية وهما حركتان فلسطينيتان مقاومتان حالهما حال باقي حركات التحرر الوطني الفلسطيني واعتبارهما حركتان ارهابيتان مدان ومرفوض ونفس الشيء ينطبق على حزب الله الذي يشكل جزءا لا يتجزأ من مكونات الحكومة اللبنانية فضلا عن عضويته في مجلس النواب اللبناني، أما الارهابي الوحيد والمصدر الوحيد للإرهاب في المنطقة والعالم بأسره فهو إسرائيل بما تمثله من كيان محتل واستعماري وتوسعي وعنصري.
وشدد، على أن الاعلان برمته، ودون الخوض في التفاصيل، بمثابة رسالة لكل من لا زال يراهن على الولايات المتحدة الأمريكية وإمكانية لعبها دورا فاعلا ومتوازنا من أجل خلق “أفق سياسي” كما يجري القول، من أجل مغادرة هذه الأوهام نهائيا والذهاب بدلا من ذلك لترتيب أوضاعهم الداخلية ورص وتوحيد صفوفهم واستنهاض طاقاتهم الكامنة، وينسحب ذلك على الشعوب والقيادات العربية والاسلامية كما على الشعب الفلسطيني والقيادة والحركة الوطنية الفلسطينية، فما جاء به بايدن في زيارته والاعلان الذي وقعه مع لبيد بمثابة عدوان وإعلان حرب على كل هؤلاء مجتمعين لصالح إسرائيل و”دولتها اليهودية” واحتلالها وتوسعها، أما “الخطر الايراني” فهو ذريعة لا أكثر ولا أقل.
من جانبه اعتبر الكاتب والمحلل الفلسطيني حسن عصفور، أن إعلان القدس أكثر سوءً من صفقة ترامب، مردفًا: “كيف ستستقبله وبأي منطق ووجه ستقول للشعب الفلسطيني أن إعلان القدس أفضل من السابق وهو يقدم له هذه الوثيقة الأمنية التي لك تقدم منذ عام 1948م.
وشدد عصفور، بأن أمريكا لم تحقق أي اختراق من قبلها في الوضع الإقليمي، وأن إسرائيل والعرب هم من حققوا اختراق فيما بينهم لتغطية مصالح واعتبارات أخرى، مضيف: “سيكتشفون العرب في يوم من الأيام بأن إسرائيل دولة مارقة لأن ثقافتها لصوصية وفاشية بالمنطق التقليدي ليس بالمنطق المستحدث”.
في السياق ذاته، يرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض أن “إعلان القدس” الذي جرى توقيعه بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء “الإسرائيلي” يئير لبيد، هو تفويض بالحرب في المنطقة، فهو بذلك يعطي الضوء الأخضر للاحتلال بش الضربات ضد إيران تحت مسمى الدفاع عن نفسها ومواجهة “التهديد الإيراني”.
وبيّن عوض أن “إعلان القدس” لا يهدف إلى استقرار المنطقة أو تهدئتها بل على العكس هو بمثابة تهيئة لحرب ما بشكل أو بآخر، وهذا الإعلان يسمح للاحتلال بشن الحرب على إيران وحلفائها بالمنطقة دون الرجوع إلى الولايات المتحدة الأمريكية أو حتى أوروبا.
ونوّه إلى أن مشاركة بعض الدول العربية بهذا الإعلان وتفاعلها معه وإن كانت لن تتم بشكل علني، نظراً لتخوفها من أن تعلق مع إيران، مما قد يؤدي إلى حرب واسعة في المنطقة.
ولفت عوض أن زيارة بايدن وما صاحبها من توقيع اتفاقات مشتركة، لم تقدم شيئاً للقضية الفلسطينية، فبدلاً أن يتم الحديث عن الاحتلال والقضية الفلسطينية يتم تهديد إيران، وبدلاً من الحديث عن التوصل لحلول سياسية للفلسطينيين يتم تجاهلهم وإنكارهم، وبدلاً من الحديث عن جرائم الاحتلال ووقف ممارساته العدوانية بحق الفلسطينيين يتم دعمه ومكافأته وتبرأته.
وأشار إلى أن “إعلان القدس” لن يكن في صالح الفلسطينيين، ولا حتى إسرائيل، موضحاً أن وصف إسرائيل بأنها هي من تحمي المنطقة سيضعها في دائرة الخطر والاستهداف، ويضعها على حافة الحرب التي سيكون الاحتلال فيها ضمن أولويات قائمة الاستهداف، لافتاً إلى أن خطاب السيد حسن نصر الله (أمين عام حزب الله) أول أمس هو بمثابة رد على “إعلان القدس” وهذه الزيارة.
- أبرز بنود “إعلان القدس”
وفيما يلي أبرز ما نصّ عليه ما يمسى”إعلان القدس” :
– واشنطن ملتزمة ببناء هيكل إقليمي لتعميق علاقات إسرائيل وشركائها
– الهيكل الإقليمي يهدف لدمج إسرائيل وتوسيع دائرة السلام لتشمل دولا عربية وإسلامية أخرى
– واشنطن ملتزمة بأمن إسرائيل والحفاظ على التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي
– واشنطن ملتزمة بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي
– واشنطن ملتزمة بمواجهة الأنشطة الإيرانية المباشرة أو عبر وكلائها مثل حماس وحزب الله والجهاد
– بايدن يؤكد دعمه لحل الدولتين
– نؤكد ضرورة مواجهة الحركات المتطرفة مثل حماس
– ندين الهجمات الإرهابية المؤسفة التي استهدفت إسرائيليين في الأشهر الأخيرة
– واشنطن ملتزمة ببناء هيكل إقليمي لتعميق علاقات إسرائيل وشركائها
-واشنطن ملتزمة بأمن إسرائيل والحفاظ على التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي
– واشنطن ملتزمة بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي
– واشنطن تعتبر أن أمن إسرائيل ضروري لمصالح الولايات المتحدة
* رأي اليوم”- نادر الصفدي: