الجديد برس /
أثارت معركة عتق التي حُسمت لمصلحة الفصائل المحسوبة على الإمارات، مخاوف حزب «الإصلاح» من انتقال التصعيد العسكري إلى جبهات أخرى، وخصوصاً وادي حضرموت، حيث تتموضع قوات المنطقة العسكرية الأولى.
ومما عزّز تلك المخاوف استعداد «ألوية العمالقة»، التابعة للإمارات ، لاستكمال السَّيْر في اتّجاه معبر العبر الحدودي مع السعودية، والخاضع لسيطرة «الإصلاح»، قبل أن تتدخّل الإمارات في اللحظة الأخيرة، وتُوعز بتجميد العملية. ووفق مصادر سياسية ، لا تُعدّ هذه المعركة منفصلة عن السياق الذي بدأ منذ مدّة بإعادة هيكلة «الشرعية»، من خلال إزاحة عبد ربه منصور هادي من المشهد، والإتيان بـ«مجلس رئاسي» ممثِّل للقوى الفاعلة على الأرض، فيما وفّرت حالة الهدوء الناتجة من الهدنة مع «أنصار الله» الفرصة للبدء بتطبيق الشقّ العسكري من هذا المخطّط.
وبحسب المصادر ، فإن التحالف السعودي – الإماراتي، وبعد ثماني سنوات من تكرار التجارب الفاشلة مع القوى التقليدية، قرّر إزاحتها بشكل تدريجي وعلى مراحل، والتخلّص كذلك من أذرعها العسكرية المنتشرة في مناطق نفوذه، ليستبدل بها المنشقّين عنها، وأيضاً زعماء القبائل والشخصيات الاجتماعية والسياسية المستقلّة. وفي هذا الإطار، تُفيد مصادر مطّلعة بأن الوجود العسكري لـ«الإصلاح» في وادي حضرموت سيكون مستهدَفاً في مقبل الأيام، فيما لن تبقى معاقله في محافظتَي مأرب وتعز الشماليتَين في دائرة الأمان. وتَربط المصادر بين التطوّرات الأخيرة في شبوة، والظهور العلني في نهاية الأسبوع لمجموعة من الضبّاط الأميركيين في مديرية بروم، وبالتحديد في مكتب مدير مديريتها، في ما يؤشّر إلى مدى أهميّة السيطرة على البقع المهمّة والاستراتيجية في الجنوب. وكانت ذكرت وسائل إعلام تابعة لـ«التحالف» أن اللقاء في بروم ناقش الشؤون الخدمية والأمنية والعسكرية للمديرية، لكنّ مصادر محلّية أفادت،بأن القوات الأميركية قامت بجولات على مناطق الضبة والشحر وفوه قبل أن تحطّ في بروم، مضيفةً أن طائرات استطلاع حلّقت بكثافة فوق تلك المناطق. والجدير ذكره، هنا، أن قوّة خاصة أميركية تتشكّل من عناصر فنّيّين واستخباريين تتمركز بشكل دائم في مطار الريان القريب من المكلا، مركز محافظة حضرموت، إلى جانب قوّة عسكرية إماراتية، كما أن المطار نفسه يُعتبر مركزاً قيادياً للمنطقة العسكرية الثانية.
من جهته، بدأ حزب «الإصلاح» يستشعر الخطر، عادّاً الأحداث التي شهدتها شبوة «استهدافاً ممنهجاً» لِمَا يصفه بـ«المشروع السياسي الوطني»، في إشارة إلى حصّته في مناصب الدولة العليا. ودعا الحزب، «المجلس الرئاسي»، إلى «محاسبة الضالعين في تلك الأحداث، ومعالجتها بطريقة منصفة»، وهو ما لا يمكن المجلسَ، بحسب مراقبين، تحقيقه. ونُقل عن رئيس «الرئاسي»، رشاد العليمي، ردّه على دعوات نواب من «الإصلاح» إيّاه إلى التدخّل، بأن «شرعية التحالف أقوى من أيّ شرعية أخرى»، في إشارة واضحة إلى أن ما يحصل إنّما هو خطّة مطلوب تنفيذها بأمرٍ من «التحالف». وباستثناء ردّ العليمي، فإن الصمت يظلّل أروقة «الرئاسي»، في ما اعتُبر غضّاً للنظر عن التحرّكات العسكرية الجارية، سواءً في شبوة أم المعركة المرتقبة في وادي حضرموت.
ويرى مراقبون أن «الإصلاح» الذي يرمي بكامل أوراقه في السلّة السعودية، وضع نفسه في مأزق لن يستطيع الفكاك منه. ففي حين قدّم نفسه وكيلاً كامل المواصفات لـ«التحالف»، وشكّل عبر سنوات الحرب أداةً تنفيذية وغطاء محليّاً للحرب على اليمن، فهو يتعرّض اليوم لعملية إقصاء رسمي من قِبَل «التحالف» بجناحَيه السعودي والإماراتي. ومع هذا، لا تزال قيادة «الإصلاح» تنتظر أن ترأف الرياض بالحزب وتقْبل بقاءه، وهو ما بدا واضحاً من خلال تمسّكه بالعلاقة مع المملكة، وإلصاق الاستهداف الذي يتعرّض له بالإمارات فقط، على رغم اعتراف البلدَين بأن تحرّكات أبو ظبي داخل اليمن تأتي بالتنسيق والتفاهم مع الرياض، وعلى رغم تأكيد الأخيرة أيضاً أن الإمارات شريك في «التحالف» لا يمكن الاستغناء عنه، وهو ما يؤكد أن تصفية «الإصلاح» باتت تَوجّهاً سعودياً أكثر منه إماراتيّاً.