الجديد برس /
انتقل الصراع المتواصل منذ أسبوعين، بين القوات الموالية للإمارات وقوات «الإصلاح»، في محافظة شبوة ، إلى مرحلة جديدة يبدو أنها لن تخلُو من تبايُن المصالح وتضارُب الأجندات بين الرياض وأبو ظبي في اليمن.
وعلى رغم إصرار التشكيلات التابعة لأبو ظبي على التوغُّل في وادي حضرموت، والسيطرة على كامل المحافظة، بعد سيطرتها على شبوة وعلى جميع الحقول النفطية فيها، إلّا أن «الفيتو» السعودي ألزمها بوقْف المعركة، والانسحاب إلى شبوة، وتسليم بعض المناطق النفطية فيها، إضافةً إلى خطّ العبر المؤدّي إلى السعودية، إلى القوات المحسوبة على «الإصلاح».
وفاجأ هذا القرار ميليشيات «العمالقة» و«دفاع شبوة»، وحتى «الإصلاح» نفسه، بعدما كانت القوات الموالية للإمارات قد ضربت عرض الحائط بقرار وقف إطلاق النار الذي أعلنته اللجنة العسكرية التي شكَّلها «المجلس الرئاسي».
والواقع أن خطوة تجميد الهجوم اتُّخذت بعد اتفاق الرياض وأبو ظبي على أن تَحلّ تشكيلات مدعومة من الأولى محلّ القوات المحسوبة على «الإصلاح» في المنطقة العسكرية الأولى في سيئون، في مقابل منْح الإمارات السيطرة على كامل محافظة أبين، والتي تشكّل بالنسبة إلى أبو ظبي، حائط صدّ يفصل بين قوّاتها في عدن وتلك التي في شبوة.
ومع تمكّن المجموعات المدعومة إماراتياً من السيطرة على أبين، يكتمل مشهد توزيع كعكة المحافظات الجنوبية، حيث يمتدّ نفوذ الإمارات إلى شبوة، انطلاقاً من عدن مروراً بأبين، فيما تظلّ محافظتا حضرموت والمهرة خاضعتَين للسطوة السعودية.
وعلى إثر التفاهمات التي قضت بوقف التمدّد نحو حضرموت، دفعت أبو ظبي سريعاً بقوّة ضخمة إلى منطقة شقرة، التي تمثّل إحدى نقاط التماس منذ عام 2019، ودارت حولها معارك ضارية خلال السنوات الماضية، قبل التوصّل إلى «اتفاق الرياض» الذي قضى بوقفها، وبتشكيل حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب، وهيكلة القوات العسكرية والأمنية ضمن وزارتَي الدفاع والداخلية. وفي حين نجح الاتفاق في إنهاء المعارك، إلّا أن طرفَي الصراع ظلّا في مواقعهما.
وأعلن «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي لأبو ظبي، خلال الساعات الماضية، عن عملية «سهم الشرق» للسيطرة على محافظة أبين.. لكن الهدف الحقيقي، بحسب ما يقول متابعون، هو السيطرة على كامل المحافظة وإخراج «قوات محور أبين»، ومن ضمنها ألوية الحماية الرئاسية التابعة لعبد ربه منصور هادي، منها، وهو ما حصل ليل أوّل من أمس، مع دخول تشكيلات «الانتقالي» إلى مواقع القوات المُشار إليها من دون مواجهات، بعد الاتفاق على بقاء الميليشيات المحسوبة على «الإصلاح» في مواقعها، وانتشار تلك التابعة لـ«الانتقالي» على طول الخطّ الساحلي والخطّ الرابط بين أبين وشبوة وعدن.
وتبدو هذه التحوّلات المتسارعة خارجة عن إرادة الأطراف المحلّية المتصارعة، فيما تصبّ نتائجها في مصلحة الرياض وأبو ظبي حصراً. وعلى رغم ردّ فعل حزب «الإصلاح» العسكري والسياسي لتلافي نهايته المحتومة، إلّا أنه لم يستطع تجنُّب هذه العاصفة؛ ذلك أن وقْف المعركة في حضرموت لا يعني بالضرورة بقاء الحزب في وادي حضرموت، إذ إن الخلاف بين السعودية والإمارات يدور حول طريقة استئصاله، حيث تُفضّل الأخيرة سحقه عسكرياً، فيما تجتهد الأولى في إنهاء حضوره العسكري بتخريجة أخرى وعلى مراحل، خوفاً من تغيير تحالفاته الداخلية والخارجية، أو صموده عسكرياً ولو على هيئة مقاومة مفتوحة وليس تشكيلات نظامية. ولهذا، جاء وقْف المعركة التي كانت قد وصلت إلى أبواب المعقل الأخير لـ«الإصلاح» في حضرموت.