الجديد برس / تقرير
بدأ التحالف السعودي الإماراتي الحرب على اليمن قبل ثمان سنوات باستهداف المواقع والقدرات العسكرية ومخازن الأسلحة وانتهى اليوم بامتلاكه جيش قوي يمتلك القدرات والخبرات والوحدات العسكرية المؤهلة والمدربة وتصنيع حربي متطور ومتنوع من الصواريخ البالستية والطائرات المسيَّرة .
هذا ماقدمته العروض العسكرية التي تنفذها حكومة صنعاء بقيادة “أنصارالله” الحوثيين، منذ بداية العام الهجري 1444هــ بأبعاد ودلالات استراتيجية كان آخرها العرض العسكري الأكبر من نوعه في محافظة الحديدة والذي شارك فيه أكثر من خمسة وعشرين ألف مقاتل من القوات البرية والبحرية والجوية وآليات ومعدات عسكرية متطورة ونوعية، منها الصواريخ البالستية البحرية التي لم تعرض من قبل .
تحدث خبراء عسكريون عن أبعاد ودلالات هذه العروض العسكرية بهذا المستوى من التطور والإعداد المميز بالقدرات العسكرية المختلفة سواء الآليات والمدرعات والقوة الصاروخية والرشاشات المتوسطة 14/7 و 12/5 أو وحدة القناصة والطائرات المسيرة بنوعيها الهجومية وطائرات قاصف 2k والتي كانت فوق تلك العربات والمعدات، والتي لها أبعاد من الناحية العسكرية في مضمونها تدل على إمتلاك الحوثي لقدرات عسكرية نوعية عدداً وعتاداً بعد ثمان سنوات من مواجهة حرب التحالف الذي أعلن كل تلك السنوات باستهدافها وتدميرها تماماً . وهو ما يؤكد أن التحالف قد فشل في حربه العسكرية ولن يكون قادراً على الاستمرار فيها ، وفي حال قرر الاستمرار فسيواجه أشرس وأقوى المعارك العسكرية التي يستطيع من خلال هذه المعطيات على الأرض أن يتخيلها .
وكانت هذه العروض أيضاً رسالة للتحالف الذي يراهن على استمرار تمديد الهدنة لاستغلال عامل الوقت لنهب الثروات في المحافظات الجنوبية والشرقية.
ويؤكد الخبراء العسكريون أن القوات العسكرية التي خرجت بهذه القوة والعتاد قالت كلمتها وأوصلت رسالة لن يصفها خبير عسكري إلا وفق معطيات وحسابات عسكرية موضوعية على أساس علمي بأن هذه القوة ستكون رافدة للوحدات الأخرى في الجبهات بعد أن تلقت التدريبات والمعلومات حول طبيعة هذه الأسلحة والتدرب عليها لخوض معركة قادمة بمستواها العالي المتطور وهي حسابات خارج العاطفة أو التحيز ، وهو ما يجب على التحالف أن يبني حساباته من جديد ويحدد موقفه المتعقل منها .
ويرى بعض الخبراء العسكريون في القوات المسلحة التابعة لحكومة صنعاء أن “من أبرز الدلالات للعروض العسكرية وتخرج الدفعات من مختلف المناطق العسكرية أنها توصل رسالة إلى التحالف، بأن عليهم أن يخضعوا للسلم، ما لم فَـإنَّ القوات المسلحة اليمنية بما لديها من إمْكَانات وقدرات قادرة على انتزاع حقوق اليمنيين،
كذلك كانت رسالة واضحة مفادها أن أيادينا التي مدت للسلام إلى الطرف الآخر قادرة على انتزاع الحقوق في حال لم يستجب التحالف لمطالب اليمنيين الحقة والعادلة، ولم يُوقف العدوان ويُرفع الحصار”. حسب قولهم . ما لم فَـإنَّ القوة العسكرية اليوم قادرة على كسر العدوان وعلى كسر الحصار وفرض معادلة مختلفة تنتزع من خلاله الحقوق والسيادة اليمنية الكاملة وغير المنقوصة لكل التراب اليمني وتحرّر كافة أراضيها كما هو الحال في كُـلّ العمليات السابقة”.
وألمح الخبراء العسكريون أن “توقيت هذه الرسائل في ظل الأزمة الخانقة التي يشهدها العالم في الطاقة تؤكد أن “أدوات التحالف الإقليمية والأُورُوبية لن تكن في منأى عن آثار العمليات اليمنية الرادعة وتبعاتها على منابع الطاقة في المنطقة”.
قائد حركة أنصار الله يلخص الأبعاد والدلالات للعروض العسكرية :
تميز العرض الأخير في محافظة الحديدة بظهور لقائد أنصارالله السيد عبد الملك الحوثي حيث ألقى كلمة في العرض اعتبرها المحللون والمهتمون بالشأن العسكري والسياسي في اليمن بأنها خلاصة كل الأبعاد والدلالات التي يمكن أن ينظروا اليها
وجاء كلام الحوثي، خلال عرض عسكري للجيش اليمني تحت اسم “وعد الآخرة”، أنّ “الهدف من كلّ العروض العسكرية طمأنة شعبنا، وإيصال رسالة إلى الأعداء الطامعين والمعتدين”، مشيراً إلى أنّ “جيشنا المبارك يحمل صدق الانتماء إلى وطنه وبلده، والعمل مستمر على بناء الجيش وتطويره”.
وأكّد أنّ هذه “العروض العسكرية هي لبعض تشكيلات الجيش فقط، وهناك عشرات الآلاف من المنتسبين إليه مرابطون في الجبهات”، مشدداً على أنّ “الجيش، الذي جرى تطهيره من الخونة، بقي فيه آلاف الضباط والأفراد الصادقين، وفق “الميادين”.”.
وأشار قائد حركة “أنصار الله” إلى أنّ “الجيش اليمني اليوم، في مختلف ميادين المواجهة وتطوير قدراته، وصل إلى مستوى عظيم، ويحقق قَدْراً مهماً من الردع”، مؤكداً أنه “اليوم أعظم استعداداً وقوة وإيماناً ووعياً ومهارة وتمسّكاً بمهمّاته ومسؤولياته”.
وأضاف أن “القوة العسكرية هي للدفاع عن كلّ ربوع الوطن، ومن ضمن ذلك الحديدة والساحل الغربي بصورة عامّة”، معتبراً أنّ “أطماع الأعداء في احتلال بلدنا والسيطرة على شعبنا تتحوّل، بفعل الوقائع والحقائق، إلى أوهام سرابية وخيبة أمل”.
وتحدّث عن أنّ “العدو اليوم في مأزق حقيقي وورطة كبيرة. فشعبنا، إلى جانب جيشه الوفي، مصممان على منع الأعداء من احتلال بلدنا”.
وبشأن العلاقة بين اليمن ومحيطه العربي، ولاسيما القضية الفلسطينية، قال السيد الحوثي: “لقد فشل سعي الأعداء للنأي ببلدنا عن مواقفه المبدئية تجاه قضايا أمته، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية”.
ولفت إلى أنّ “اليمن اليوم، رسمياً وشعبياً، هو أكثر حضوراً وتمسكاً بموقفه المبدئي الديني بشأن نصرة الشعب الفلسطيني والأخوّة الإسلامية”.
ودعا الحوثي التحالف إلى “اغتنام فرصة الهدنة، ووقف عدوانه بصورة كاملة وإنهاء الحصار والاحتلال”، وقال: “ندعو تحالف العدوان إلى استيعاب الدروس التي تبيّن استحالة تحقيق أهدافه في احتلال بلدنا والسيطرة على شعبه”.
وأردف أنّ “شعبنا يمتلك الموقف الحق والقضية العادلة. وهو مستمر في الدفاع عن حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال ورفع الحصار”.
وقال : “نحن لسنا عدوانيين، بل نحن نواجه المعتدين، ونسعى لتحقيق السلام الحقيقي والمشرّف”، مضيفاً أنّ “ما وصل إليه جيشنا، في صموده وتضحياته وبناء قدراته العسكرية، يوصل عدداً من الرسائل إلى الأعداء”.
وختم قائد حركة أنصار الله بالتأكيد أنّ “كلّ مساعي الأعداء لتدمير قدرات الجيش، وتجريده من كلّ قوة تتصدى لعدوانهم واحتلالهم، باءت بالفشل”، لافتاً إلى أنّ “مساعي الأعداء ساهمت في تحفيز شعبنا على تحويل التحديات إلى فرص، وبناء القدرات العسكرية بناءً صلباً وفولاذياً “.
رهان المملكة السعودية على السلاح الأمريكي لم يمنع تطور الحوثي العسكري :
قبل بدء حرب التحالف على صنعاء اتفق مسؤولون سعوديون وأمريكيون على صفقة أسلحة بقيمة قياسية بلغت مليارات الدولارات تبيع الولايات المتحدة بموجبها عشرات من مقاتلات إف-15 وإف-16 وطائرات هليكوبتر هجومية من طراز أباتشي وأسلحة متقدمة أخرى للمملكة.
بدأ التحالف الحرب العسكرية ، معتداً بترسانة كبيرة ومتطورة من السلاح الأمريكي ، بقيادة السعودية التي لديها ثالث أكبر ميزانية دفاعية على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة والصين، معلناً عن القضاء على قوات صنعاء في غضون أسابيع ، لتستمر الأسابيع في التلاحق لتدخل عامها الثامن ،
وتعرضت السعودية على إثر ذلك للإحراجات والإنتقادات الكبيرة على الصعيد الدول والعالمي ، وقيم أمريكيون أن أداء السعودية العسكري في اليمن مرتبك. كثيرا ما بدت القوات المسلحة للمملكة غير مستعدة ومعرضة لارتكاب أخطاء.
وبحسب محققون من الأمم المتحدة إن الضربات الجوية التي نفذها التحالف بقيادة السعودية لم تحقق سوى أنها قتلت أكثر من 5000 ألف مدني في اليمن .
وعلى الحدود السعودية شن الحوثيون هجمات شبه يوميه فقتلوا مئات الجنود السعوديين.
وقال مسؤول كبير سابق في إدارة أوباما إن التدخل في اليمن أثار تساؤلات حول النفوذ العسكري للرياض بدلا من أن يصبح الأساس لاستراتيجية عسكرية سعودية أكثر حزما بالمنطقة.
وأضاف “لا يزال الطريق طويلا. الجهود لإنشاء قوة عسكرية عربية شاملة مخيبة للآمال.”
وراء الكواليس انجر الغرب إلى الصراع. وقال مسؤول أمريكي لرويترز إن ما بين 50 و60 من أفراد الجيش الأمريكي وفروا التنسيق والدعم للتحالف بقيادة السعودية. وعمل ما بين ستة و10 أمريكيين مباشرة داخل مركز عمليات القوات الجوية السعودية بالرياض. كما قدمت بريطانيا وفرنسا وهما موردتان دفاعيتان رئيسيتان للرياض دعما عسكريا.
وزودت أمريكا السعودية بذخيرة دقيقة التوجيه من مخزوناتها لسد النقص في إمدادات التحالف التي تناقصت.
ولتغطية الإخفاقات المتكررة ظهر الناطق باسم التحالف مبرراً عدم تحقيق أي تقدم ميداني في اليمن بقوله : إن الهدف الرئيسي من عاصفة الحزم هو إضعاف قدرات الحوثيين وقد تحقق ذلك. وأضاف أن القوات اليمنية المدعومة من المملكة توقفت عن التقدم بعد السيطرة على أراض إلى الشمال من صنعاء بناء على طلب الأمم المتحدة بغرض تشجيع المحادثات.
بينما استمرت قوات صنعاء في تحقيق الإنجازات العسكرية وتدمير قدرات التحالف العسكرية بأبسط الإمكانات .
وحاولت السعودية تبرير هزائمها ومسارعتها المستمرة لشراء الأسلحة المتطورة بإنها تعمل لصالحها ولا تعمل لصالح أي طرف آخر وهو ما أكده بن سلمان نفسه قائلاً : “السعودية تختار وتشتري أسلحتها وفقا لتخطيطها واحتياجاتها ومصالحها
وعلى الرغم من الحصول على مزيد من الأسلحة فإن التحالف بقيادة السعودية واجه صعوبات باليمن. بدا هذا واضحا في حملة القصف التي يشنها منذ البداية متسببة لها بالإحراج الشديد ، وعبر عنه ناطق السعودية بقوله : “هذه معركتهم الأولى… لا يتعلم المرء قبل أن يذوق الأمرين .
قلق أممي من العرض العسكري الضخم للحوثيين بالحديدة :
بعد هذا العرض سارعت الأمم المتحدة للتعبير عن قلقها الشديد إزاء الاستعراض العسكري الذي نظمه الحوثيون في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، معتبرة له خرقا لاتفاق ستوكهولم الموقع في كانون أول/ ديسمبر 2018.
وقالت البعثة الأممية لدعم اتفاق الحديدة (غربي اليمن)، “أونمها”: تعرب البعثة عن قلقها البالغ إزاء الاستعراض العسكري الذي جرى في مدينة الحُديدة اليوم، معتبرة ذلك “خرقا لاتفاق الحديدة”.
وأضافت في بيان لها عبر “تويتر”،: “تراقب الوضع عن كثب، وتكرر مناشدتها لقيادة أنصار الله الحوثيين أن تحترم بالكامل التزاماتها بموجب الاتفاق، لا سيما فيما يتعلق بالحفاظ على المدينة خالية من المظاهر العسكرية”.
وفي أول تعليق من حكومة صنعاء على بيان البعثة الأممية، قال جلال الرويشان، نائب رئيس حكومة صنعاء لشؤون الدفاع والأمن، إن تصريحات البعثة الأممية هي مجرد رسائل استرضاء لدول ما اسماه “العدوان” (التحالف بقيادة الرياض) كما عهدناها.
وأضاف وفق ما نقلته فضائية” المسيرة” أن العرض العسكري اليوم يؤكد أن الجيش هو جيش الشعب، وأن خلفه قيادة حكيمة تجمع الجيش والشعب، على حد قوله.
ومضى الرويشان قائلا: “لا نشكل خطرا على أحد في حال لم يتآمر علينا، وهذه قاعدتنا في السلم والحرب”.
وأكد الرويشان على أن معركتهم في الدفاع عن اليمن هي معركة اليمنيين، وجيشنا منذ بدء الهدنة يمر بحالة إعادة تأهيل وتدريب وبناء.