الجديد برس / تقارير / المساء برس:
لم يكن موقف زعيم أنصار الله عبدالملك الحوثي في خطاباته الأخيرة ولا خطابات رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، بشأن ما يسمى مجلس القيادة الرئاسي قد صدر من فراغ، فالمجلس المشكل سعودياً مر عليه قرابة نصف عام منذ تصعيد رئيسه رشاد العليمي وأعضاء المجلس السبعة للحكم بقرار سعودي، ورغم أن تشكيل المجلس جاء بهدف تجميع الفصائل التابعة للتحالف تحت سقف واحد وقيادة واحدة لتكون بمجابهة طرف صنعاء الذي يملك الشرعية الحقيقية والشعبية بشواهد الواقع والجغرافيا والمواقف.
كانت صنعاء قد ألمحت في بادئ الأمر، رفضها اعتبار مجلس القيادة الرئاسي التابع للتحالف مكوناً يمنياً حقيقياً يمكن الجلوس والاتفاق معه وذلك بسبب أن منح هذا المجلس مشروعيته هو الشخص الذي لا مشروعية له أساساً، جاء ذلك على لسان عضو مجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، والذي قال في السابع من أبريل الماضي إن “عبدربه منصور هادي منتهي الصلاحيات ولا صلاحيات له حتى ينقلها لغيره”، لكن موقف الحوثي لم يصدر من صنعاء بشكل رسمي وظلت الأخيرة ملتزمة الصمت تنتظر ما قد يبدر من هذا المجلس من بوادر حسن نية ومؤشرات لامتلاكه فعلاً قراره، ولكن لافائدة، إذ لم يصدر من المجلس إلا كل ما يؤكد أنه أكثر عمالة وأداة أكثر طيعة للتحالف السعودي الإماراتي الذي قام بتشكيله واختيار أعضائه ورئاسته.
اليوم وبعد نصف عام من تشكيل هذا المجلس، نجد أن استمرار الصراع والانقسام في أوساط المجلس القيادي يعكس رغبة الدول التي شكلته في إبقائه معطلاً عن تأدية حتى المهام التي أجاز صانع القرار في الرياض وأبوظبي لهذا المجلس القيام بها، وبعد فشل التحالف في حشد كل الفصائل المسلحة التابعة له ضمن قيادة واحدة بفعل اختلاف الأهداف بين الرياض وأبوظبي، يبدو أن البلدين بدءا يتكيفا مع الوضع الجديد عبر تحويل المجلس إلى مجلس شكلي وإدارة الوضع عبر التوجيهات المباشرة من التحالف إلى كل عضو داخل المجلس الرئاسي المزعوم.
ذلك يعني وفق وجهة نظر صنعاء أن هذا المجلس لم يؤتى به إلا لكي يؤسس مرحلة جديدة من الاحتلال والاستعمار للمحافظات الجنوبية ويقدم غطاءً لمن يحتل أرض الجنوب لفترة قادمة، ولا علاقة مطلقاً لتشكيل هذا المجلس بما ورد في قرار تعيينه والذي اقتصر دور هادي فقط في 7 أبريل على تلاوته فقط بعد أن أتاه مكتوباً من خالد بن سلمان، لا علاقة لهذا المجلس بما ورد في قرار تشكيله بأن الهدف منه بدء التفاوض مع صنعاء لإنهاء الحرب في اليمن.
عندما يدعم التحالف السعودي تحركاً عسكرياً لفصائل يفترض أنها غير نظامية ولا تحظى بأي مشروعية وليست تابعة لا لوزارة دفاع ولا داخلية ويقوم التحالف بدعمها للسيطرة على محافظة جنوبية وتقوم هذه الفصائل بنزع أعلام الجمهورية من على المؤسسات الحكومية والمعسكرات التي تمت السيطرة عليها وإهانة العلم ورمية ودوسه بالأقدام وتفاخر من قاموا بارتكاب هذا الفعل عبر توثيق هذه الإهانة بالصوت والصورة ثم لا يحرك رئيس مجلس القيادة العليمي ساكناً إزاء ما حدث بل ويذهب لمباركة ما حدث عبر توثيق سيطرة هذه الفصائل المسلحة، حينذاك كيف يمكن لصنعاء أن تمد يدها لقيادة هذا المجلس الذي يؤكد أنه جيء به فقط ليشرعن انقسام وانفصال وتفتيت اليمن؟!.
وعندما لا يتمكن هذا المجلس من إدارة المناطق التي يزعم أنه يسيطر عليها شكلياً فيما السيطرة الحقيقية للتحالف العسكري السعودي الإماراتي والقرار الأول والأخير له، وعندما يصل الأمر والانقسام داخل المجلس إلى مغادرة العليمي لعدن التي لم يتمكن من فرض قرار واحد فيها وعندما تبقى هذه المدينة التي يسميها التحالف بأنها عاصمة مؤقتة تحت سيطرة عضو داخل المجلس الرئاسي هو من يتحكم بها تحت توجيهات وإمرة ضابط إماراتي، وعندما يضطر رئيس الرئاسي لمغادرة عدن نحو الإمارات والسعودية اللتان ذهب إليهما شاكياً من عدم قدرته على فرض نفسه كرئيس (ولو شكلياً) على نوابه السبعة، حينذاك كيف يمكن لصنعاء أن تتعامل مع هؤلاء الأطراف المفتتين فيما بينهم البين ومع أي طرف أو فصيل منهم تجلس للتفاوض.
الأدلة والشواهد كثيرة على أن لا مشروعية لأي من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي الذين يتلقى كل واحد منهم توجيهاته بشكل مباشر من التحالف كلاً حسب انتمائه وتبعيته، وخلاصة الأمر أننا أمام أدوات تزعم أنها حاصلة على الشرعية وتحظى بدعم دولي فيما هي أضعف ما يكون من السلطة التي سبقتها فحتى على مستوى المناطق التي تدعي إدارتها وحكمها لم تتمكن من فعل شيء لأبناء هذه المناطق، فلا العملة تحسنت ولا تمت استعادة ما يتم توريده من أموال بالعملة الصعبة من مبيعات النفط إلى البنك الأهلي السعودي وإعادتها إلى فرع البنك المركزي بعدن ولا نجحت هذه السلطة الشكلية من توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية وعلى رأسها الكهرباء التي لا تزال تنقطع في عدن (العاصمة المفترضة) ثلثي ساعات اليوم الواحد، ولا الوضع الأمني استتب في ظل استمرار الاغتيالات والتفجيرات وعمليات السلب والنهب والتقطع والحرابة وشغل العصابات الذي تمارسه أطراف التحالف في عدن آخرها على سبيل المثال فقط عمليات الابتزاز التي تتعرض لها شركة يو للاتصالات التي تم منعها من العمل وبعد أشهر من قطع الخدمة وإقرار إعادتها يأتي فصيل آخر داخل الانتقالي ليوقف الشركة عن العمل من جديد رغم أن من أجاز عودة الشركة للعمل هو الانتقالي نفسه.
أمام وضع كهذا لا يسع أبناء المحافظات الجنوبية إلا أن ينتظروا فقط استمرار نهب ثروتهم من النفط والغاز وغيرها من الثروات واستمرار فرض الوصاية الخارجية عليهم شاؤوا أم أبوا لا أن ينتظروا أن يتحسن وضعهم المعيشي.