الجديد برس / تقارير / حلمي الكمالي:
في خضم العروض العسكرية المهيبة التي تنظمها قوات صنعاء خلال الأيام الأخيرة، فإن معادلة توازن القوى على الساحة اليمنية تميل بكل تأكيد لصالح صنعاء، بإعتبارها اللاعب الرئيس والأقوى في المشهد السياسي والعسكري، لإعتبارات منظورة وكثيرة وليس آخرها التطور السريع والملحوظ والنوعي في قدراتها العسكرية والقفزة الكبيرة التي حققتها على مستوى التصنيع الذاتي للأسلحة الإستراتيجية.
ونظمت قوات صنعاء، في أقل من شهرين، عشرات العروض العسكرية الكبيرة في مختلف مناطقها العسكرية والأمنية، كان آخرها الكرنفال المهيب الذي نظمته في ميدان السبعين بالعاصمة اليمنية بمناسبة “الذكرى الثامنة لثورة 21 سبتمبر “، والذي ظل حديث الوكالات الدولية لأيام، وأحدث صدى ورعباً غير مسبوقاً داخل غرف عمليات دول التحالف والقوى الغربية المساندة لها، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، وفقاً لما نشرته وسائل إعلام غربية، خلال الأيام الماضية.
أمام هذه التطورات، يقف التحالف السعودي الإماراتي وفصائله خالي الوفاض، منهكاً بإخفاقات السنوات السبع الماضية، متخفياً خلف “عباءة” الهدنة الأممية، وعاجزاً دون أية خيارات سياسية أو عسكرية، في حين يظن خطأً أن هدنة مؤقتة يستميت في نقضها كل لحظة وكل ساعة، قد تحميه من تحمّل تكلفة الهزيمة المدوية، وتلك حسابات خاطئة تماماً بحسابات الواقع ، ناهيك عن تأكيد قائد أنصار الله في اليمن، عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير، أنها هدنة مؤقتة فقط، وأن الحرب لم تنتهِ بعد، محذراً من مواصلة الحرب على اليمن، ومؤكداً أن الإعتداء على اليمن يهدد السلم الإقليمي والدولي.
لا تتوقف أزمات التحالف السعودي الإماراتي، عند عجزه عن تحقيق أي نصر عسكري طوال السنوات السابقة، وحسب بل أيضاً، مع فشل جميع أدواته وفصائله في خلق أي أرضية سياسية أو عسكرية للتحالف للمناوره عليها أمام صنعاء في أي مفاوضات قادمة، فالمجلس الرئاسي لا يختلف كثيراً عن هادي وأعوانه، يحمل نفس الفشل والإخفافات وذات التناقضات والصراعات بين أدواته، ومثلما لم تتسع اليمن لهادي وحاشيته، لفظت العليمي وأتباعه، ليتكئ أخيراً في ذات الجناح الفندقي للرئيس المخلوع في العاصمة السعودية الرياض.
لسنا بصدد طرح المفارقات هنا، إنما في مقاربة بسيطة وسريعة، سنجد أن صنعاء المحاصرة من جميع الجهات الأربع، ومواطنينها الذين أحرمتهم دول التحالف من حقهم في النفط والغاز والمرتبات والدواء وغيرها، ما يزالوا صامدين، وينعمون بوضع أمني جيد، يفتقده كل اليمنيين في مناطق سيطرة فصائل التحالف، كما أن وضعهم الإقتصادي أو المعيشي، مازال جيداً، رغم الحصار والحرب على العملة التي تحتفظ بقيمتها في صنعاء، بفارق أضعاف مضاعفة عن تلك الخاضعة لمجلس التحالف في عدن، فكيف حدث كل ذلك؟ .. يتساءل الكثير.
هذه المفارقات الواضحة، هي ما بات يطرحه اليمنيين اليوم، في كل مكان وحين، وهم يشتعلون سخطاً وغضباً مما يحدثه التحالف وحكومة معين، والتي لم توفر سبباً واحداً لإستمرارها في المشهد، أكثر من كونها “مطية” لمشاريع قوى التحالف وفصائلها المتناحرة، لمزيد من استنزاف الثروات اليمنية، ومنها لإستنزاف الدم اليمني على إمتداد مناطق سيطرتها. ولعل حالة الغليان الشعبية التي تتواقد شيئاً فشيئاً ضد التحالف وفصائله في عموم المحافظات الجنوبية، والتي بدأت تعود مجدداً في المهرة وحضرموت وأبين، دليل على ذلك.
ولا تنتهي تلك المفارقات عند حالة الإنشقاقات العميقة التي تتصاعد داخل أروقة التحالف وفصائله، عقب ظهور أصوات واسعة في صفوفه تندب حظها مع هذا التحالف التعيس أو “العدوان السعودي الإماراتي” كما بات يطلق عليه بعض المحسوبين على أدوات التحالف السابقة، والذي بدأ يتشكل على لسان من رحبوا بهذا التحالف وفرشوا له الورد في بادئ الأمر، واليوم يهاجمونه بإعتباره عدوانا يستهدف كل اليمنيين بعد أن طالت صواريخ التحالف رؤوس أتباعهم في شبوة وأبين، وهو الوصف ذاته الذي سبق وأن أكدت عليه صنعاء منذ الطلقة الأولى لحرب التحالف على اليمن، وكان هؤلاء ينكرونه جملةً وتفصيلا.
أخيراً، وأمام هذه التناقضات والحقائق التي يملوءها المشهد اليمني بكافة أصعدته، يبقى السؤال الذي يردده الكثير من الناشطين السياسيين والمهتمين، ماذا أبقت صنعاء لخصومها في الداخل والخارج، أو بالأحرى ما تبقى لقوى التحالف وفصائلها المتناحرة وما مصيرها إذا ما صحت بنادق صنعاء عقب إنتهاء الهدنة الأممية، التي يستميت التحالف في نقضها مضطرباً تحت مآلات الخيارات الضيقة، في وقت يؤكد مراقبون وخبراء عسكريون أن بندقية صنعاء لن تتوقف هذه المرة عند السيطرة على كامل أراضي الجمهورية، وفقاً لمعطيات الحرب والسياسة.
عن: البوابة الإخبارية اليمنية