الجديد برس / جريدة الأخبار:
تشهد منطقة البحر الأحمر وباب المندب، منذ حوالى أسبوعَين، تحرّكات نشطة لـ«قوّة المهام المشتركة 153» التي كانت أعلنت الولايات المتحدة تشكيلها في مطلع نيسان الماضي، قبل أن تتسلّم مصر قيادتها منتصف كانون الأوّل الفائت. ويترافق ذلك مع رصْد صنعاء زيارات أميركية وإماراتية لجزيرة سقطرى، التي تسيطر عليها أبو ظبي منذ منتصف عام 2020، في إطار مساعيها لإحكام قبضتها على الجزُر كافة في خليج عدن وبحر العرب، إلى جانب باب المندب. وعلى رغم تقدير «أنصار الله» أن الجانب المصري سيتفادى الانزلاق إلى أيّ تصعيد بحري معها، إلّا أن ثمّة خشية في أوساطها من استغلال الجانبَين الإماراتي والأميركي مطلب «تأمين إمدادات الطاقة» عقب الحرب الروسية – الأوكرانية، من أجل إنفاذ مطامح قديمة في هذه المنطقة الاستراتيجية
استهداف باب المندب
شهد العام المنصرم عدّة لقاءات بين قيادات عسكرية عليا في الحكومة الموالية لـ«التحالف»، وقائد قوات البحرية الأميركية الوسطى وقائد الأسطول الخامس، براد كوبر، كان آخرها على هامش افتتاح مؤتمر «حوار المنامة 2022» في العاصمة البحرينية، والذي شاركت فيه إسرائيل. ويدرج الخبير الاستراتيجي في صنعاء، أنيس الأصبحي، تلك اللقاءات في إطار ما يسمّيها «المؤامرة الأميركية – الإسرائيلية ضدّ مضيق باب المندب، والعائدة إلى سبعينيات القرن الماضي»، عادّاً، في حديث إلى «الأخبار»، التحرّكات الأحدث في هذه المنطقة «أميركية – إسرائيلية بامتياز»، معتبراً أن «”قوّة المهام المشتركة” هي البديل لمشروع “الناتو العربي” الذي كان مطروحاً سابقاً»، وأن «تدويل باب المندب أصبح أمراً واقعاً اليوم».
تجنّبت أميركا قيادة «قوّة المهام المشتركة 153» وأوكلت المهمّة إلى مصر
وفي مطلع نيسان الماضي، أعلنت الولايات المتحدة تشكيل «قوّة المهام المشتركة 153» بوصْفها رابع فرقة في ما يُعرف بـ«القوّات البحرية المشتركة» (CMF)، وهو ما عزاه مراقبون إلى تطلّع واشنطن إلى تأمين إمدادات الطاقة في البحر الأحمر وباب المندب. ووفقاً لهؤلاء، فإن تجنّب الأميركيين قيادة هذه القوّة، وتكليف مصر بالمهمّة، يعود إلى رغبتهم في تجنّب التصادم مع حركة «أنصار الله»، خصوصاً أن القوّات المصرية ستعمل على تفادي أيّ تصعيد بحري محتمل، وأن لدى القاهرة أيضاً علاقات جيّدة مع روسيا والصين والدول الأخرى التي يهمّها هي الأخرى أمن الممرّات البحرية. وكانت السعودية عمدت، مطلع عام 2020، إلى تأسيس «مجلس الدول العربية والأفريقية المطلّة على البحر الأحمر وخليج عدن»، بمشاركة السودان وجيبوتي والصومال وإريتريا ومصر والأردن والسلطة اليمنية الموالية لها، إلّا أنها استبعدت فكرة إنشاء قوّة عسكرية مشتركة لحماية الأمن البحري تابعة للمجلس، وأشارت إلى أن الهدف من هذا الأخير «التنسيق فقط» في ما بين الدول المشاطئة لـ«الأحمر».
الجزر موضع استهداف دائم
خلال السنوات الماضية، سيطرت قوات «التحالف» على عدد من الجزر اليمنية في الساحل الغربي، وهي تخطّط لاستكمال السيطرة على الجزر الواقعة في خليج عدن والبحر العربي، وفرْض تواجد عسكري أجنبي فيها، علماً أن ثمّة 21 جزيرة في خليج عدن، و11 جزيرة في بحر العرب، أهمّها سقطرى. وتُعدّ هذه المناطق حاميات عسكرية تُمكّن مَن يسيطر عليها من التحكّم بمسار الملاحة البحرية. ومن هنا، تسعى الإمارات، بالشراكة مع الولايات المتحدة، لإحكام قبضتها على باب المندب، بعدما تمكّنت عبر القوى المحلّية الحليفة لها من التموضع في المناطق البرّية المطلّة على المضيق الاستراتيجي غربي تعز، فضلاً عن نشْرها قوّات موالية لها في مناطق واسعة في سواحل رأس العارة التابعة لمحافظة لحج، والتي تُعدّ امتداداً لباب المندب. وبالتزامن مع تلك التحرّكات، شهدت مدينة المخا إنشاء أوّل مطار مدني في ضواحيها الساحلية، فيما يتواصل العمل من قِبَل طارق صالح، الذي يقود قوات «حراس الجمهورية» المدعومة من الإمارات، على إعلان المدينة محافظة مستقلّة عن محافظة تعز، وسط رفض قبَلي في مناطق الصبيحة التابعة للحج للمخطّط الإماراتي الهادف إلى اقتطاع أجزاء من أراضي المحافظة الجنوبية لصالح المحافظة الجديدة.