الجديد برس/ خليل نصرالله:
“لا استقرار للسعودية ما لم توقف عدوانها على اليمن”، هي القاعدة الأكثر واقعية التي يجب تترسخ في ذهن المسؤولين السعوديين إن قرروا المضي قدما في استقرار وازدهار المملكة، خاصة مع النصائح التي تلقتها السعودية بضرورة تعزيز الحوار مع صنعاء مباشرة، دون الركون إلى رهانات إقليمية ودولية.
قبل ثمانية أعوام، لم تكن السعودية تحت تهديد رصاصة واحدة يمكن أن تأتي من جنوبها، لكن التقدير الخاطئ والقراءة الخاطئة للمشهد في اليمن، دفع الملك سلمان ونجله لإطلاق الحرب بتغطية أميركية. ربما نُصح محمد بن سلمان، يومها، بقطف نصر سريع يمهد له الطريق لتنفيذ ما كان يدور في ذهنه من مشاريع اقتصادية وسياسية ضمن حدود المملكة وأبعد منها.
إن الخطأ في التقدير جعل من اليمن مهددا للسعودية، ليس من بوابة العدوان والاعتداء بقدر ما هو دفاع عن النفس وحق مشروع لصنعاء.
راكمت صنعاء القوة وصل حد امتلاك قدرات عسكرية استراتيجية، قادرة بموجبها على فرض معادلات من البحر الاحمر وشط العرب وبحر عمان، إلى عمقي الامارات والسعودية، والسنوات الأربع الماضية تشهد على ذلك.
وخلال الأعوام الماضية، شرع محمد بن سلمان بترسيخ مشروعه وتعزيز رؤية 2030، وشرع بخطوات لتحويل السعودية إلى مركز للشركات العالمية وتعزيز اقتصادها، وضرب التيار الديني، وكسب ود الشباب عبر خطوات انفتاح وترفيه باتت تعم البلا، وأطلق مشروع “نيوم” على البحر الأحمر، وأخذ المبادرة لفتح الباب بشكل أوسع للاستثمارات في بلاده.
بغض النظر عن التوافق مع ما يقدم عليه بن سلمان داخليا، وهو ليس موضوع تقييم أو نقاش في مقالنا، لكن هل يضمن استمرار ونجاح مشروعه، وهو غارق في “وحل” اليمن؟
بواقعية، إن أي نجاحات اقتصادية وسياحية واستثمارية، تحتاج إلى استقرار أمني وتصفير المشاكل مع دول الجوار، من هنا يمكن الحسم بأن مفتاح النجاحات سيتوقف على الموقف من اليمن.
وما لم يتم وقف العدوان على اليمن وسحب القوات السعودية وعقد تفاهمات مع صنعاء، فإن مشاريع بن سلمان وموارد بلاده النفطية ستبقى تحت التهديد.
يخطئ ولي العهد السعودي إن كان يراهن على “التفاهم” مع إيران لاستعادة العلاقات بأنه يمنحه “الأمن الكلي” أو أن طهران يمكن أن تمارس ضغطا على صنعاء.
هناك معطيات توفرت عن نصح إيراني سبق التوصل للتفاهم الأخير الموقع في الصين، للسعودية، بفتح حوار مباشر مع صنعاء، واستعداد إيران للمساعدة في تقريب وجهات النظر، وهو عين الصواب إن سلكه ولي العهد السعودي.
إن مفتاح الاستقرار، في هذه المرحلة، هو صنعاء ولا بد من الحوار معها.
من جهة أخرى، لا يمكن لولي العهد السعودي البقاء ضمن دائرة تحقيق المصالح الأميركية وتقديمها على مصالح المملكة. من هنا، لا بد من تقديم مصلحة السعودية على أي مصالح أخرى، ومصلحة الرياض تكمن في تصفير المشاكل مع المحيط، ووقف الحروب، والتفرغ لانعاش اقتصادها وتطويره.
في المحصلة، إن عدم وقف “حرب” اليمن ومواصلة المناورة، سيعني أن التصعيد قادم، وأكثر من سيدفع الثمن هو محمد بن سلمان ومشاريعه.