الجديد برس
د.أحمد صالح النهمي
في كتابه “برقة الهادئة” يروي الجنرال غراتسياني الذي عرف بسفاح ليبيا الحوار الذي دار بينه وبين المجاهد الليبي البطل عمر المختار في صباح يوم الثلاثاء الخامس عشر من أيلول 1931م، فقد سأله : ـ لماذا تحارب دون هوادة الحكومة الفاشيستية؟ فأجاب عمر المختار : من أجل ديني ووطني.
ــ بل أنت تحارب من أجل ــ السنوسية ــ تلك المنظمة التي كانت السبب في تدمير الشعب والبلاد، فضلا عن أنها تستغل الناس في أموالهم دون وجه حق. هذا هو الدافع الذي يجعلك تحاربنا، لا الدين والوطن كما تقول. ولن تستطيع أن ترد عن برقة ، بإمكاناتك الضئيلة، وعددك القليل؟
ــ لست على حق فيما تقول، ولك أن تظن ما تشاء ، ولكن الحقيقة التي لا تقبل الجدل أني أحاربكم من أجل ديني ووطني. حربنا لكم فرض علينا ؛ لأنكم مغتصبون . وما النصر إلا من عند الله.
لاحظت في هذا الحوار واحدية منطق الغزاة المستعمرين، فلا فرق بين ما يطرحه الجنرال غراتسياني قبل ما يقارب عقد من الزمن وما يطرحه غزاة اليوم من أمراء وجنرالات ومثقفي التحالف العدواني الذي تقوده السعودية على اليمن منذ أكثر من ثلاثمائة يوم، فما يزال المنطق هو نفسه والشبهات التي يرددها الغزاة اليوم هي الشبهات التي رددها غزاة الأمس، ولكن منطق التاريخ أيضا يقول : أنه كما رحل الجنرال غراتسياني وقواته الاحتلالية ومن معها من خونة البلاد إلى مزبلة التاريح وظل اسم عمر المختار والمقاومين الليبيين محل فخر الأجيال العربية واعتزازها فإن الأمر نفسه سيتحقق في معركة الكرامة الوطنية التي يخوضها أبناء اليمن ضد الغزاة المحتلين متعددي الجنسيات، فيوما ما سيرحل الغزاة والمرتزقة وستسطر تضحيات أبطال اليمن بأحرف من نور في ملاحم التاريخ .
على أكثر من قناة من قنوات العدوان كالجزيرة والعربية الحدث وسكاي نيوز وغيرها استمعت إلى بعض محللي العدوان وهم يعلنون بصراحة لا لبس فيها “علينا أن نجتهد في شراء ذمم مشائخ القبائل بالأموال للانضمام إلى صفوفنا، ومن لم يستطع الانضمام منهم للقتال معنا فليقف على الحياد”، والسؤال الذي يطرح نفسه في مقامنا هذا هو هل هذه السياسة التي اتخذ منها العدوان وسيلة لشراء البعض وتحييد البعض الآخر اقتصرت على شريحة القبائل أم أنها امتدت إلى الشرائح الأخرى بما فيها شريحة الأدباء والمثقفين اليمنيين ؟
إن جرائم يوم واحد من أيام العدوان السعودي على اليمن تكفي لمن يمتلك ضميرا حيا أن يهب للذود عن الوطن ومقاومة هذا العدوان الصلف بكل إمكانياته، أما أولئك الذين ماتت ضمائرهم فلن تحركهم جرائم ثلاثمائة يوم ولا حتى ثلاثين ألف يوم ، فمن يهن يسهل الهوان عليه ، ما لجرح بميت إيلام ، ورعى الله الشاعر الشعبي الشيخ ناصر الشوذبي حيث يقول:
الشوذبي قال يالله يا عظيم الشانْ
احفظْ وطنَّا وانصرهْ شعبهْ مع جيشهْ
على جيوش التحالف والعدو ذي خان
وناس جالس محايد ما درى ليشه
جالس يطبل في الإعلام والميدان
مع رعاة الغنم والبل والهيشه
خان الوطن ذي يدور عيش من سلمان
يد تجلب الموت ما هي جالبه عيشه