الجديد برس / تقارير / إبراهيم القانص:
التحركات الأخيرة في الداخل اليمني أثارت انزعاج قوى التحالف، العالمية والإقليمية، يظهر ذلك في تعاطي أدواتها المحلية مع التواصل القبلي بين محافظة أبين وصنعاء بشكل غاضب وساخر،
حيث تعاملت منابر إعلامية وناشطون ومحللون موالون للتحالف مع إطلاق القيادي العسكري الجنوبي فيصل رجب- الذي كان أسيراً لدى صنعاء- بطريقة حاولت التقليل من شأن عملية التجاوب مع مطالب وفد مشائخ أبين الذي زار العاصمة ولم يعد إلّا بما جاء من أجله، ومجللاً بالتقدير والمحبة وتجديد عهود الإخاء والوفاء والتلاحم بين اليمنيين.
حالة التقارب التي أحدثتها عملية التواصل بين الشمال والجنوب في اليمن، تمثل خطراً كبيراً على مصالح القوى العالمية والإقليمية التي تمددت في الجغرافيا اليمنية بشكل غير مسبوق منذ بدأ التحالف الذي تقوده السعودية عملياته العسكرية في اليمن عام 2015م، إذ خلقت تلك القوى صراعاً بينياً أحدث انقساماً بين اليمنيين، ولا تزال تغذيه على أسس مناطقية ومذهبية طالما تجاوزها اليمنيون في مراحل سابقة، وبما أن تواصل قبائل أبين مع صنعاء خلال الأيام الماضية تجاوز انقسام وصراع المكونات التي يحركها التحالف والقوى العالمية التي تقف وراءه فقد ظهر الانزعاج جلياً في مواقف وردود الفعل الغاضبة للأدوات المحلية المرتهنة للخارج.
وحسب الباحث العسكري الموالي لصنعاء، عبدالله بن عامر، فوجئت القوى الإقليمية والعالمية بأن اليمنيين كانوا أكبر من مخططاتها، مرجعاً انزعاجها إلى الانعكاسات الإيجابية المتوقعة من المبادرة الأخيرة، المتمثلة في إطلاق القيادي الجنوبي رجب، حيث يُتوقع أن تكون نقطة انطلاق لتوسيع دائرة التواصل والتفاعل بين اليمنيين، شمالاً وجنوباً، مؤكداً أن ما حدث في صنعاء من تجاوب وتفاعل مع زيارة وفد محافظة أبين وتلبية مطلبه لم يكن فيه أي مبالغة أو محاولة لتوظيف الموقف بقدر ما كان تفاعلاً عفوياً، حيث فاضت وبشكل صادق مشاعر الأخوة نتيجة ما مثلته الزيارة من أهمية خصوصاً في هذا التوقيت.
ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة الأمريكية- المستفيد الأكبر من الحرب في اليمن- تحرص على إبقاء الصراع بين اليمنيين، حتى وإن أظهرت دعمها للتهدئة والمضي باتجاه تحقيق السلام، فما تقدمه من وجهات نظر لعملية السلام يظل حريصاً على أن يكون كل شيء مؤقتاً حتى إذا ما استدعت مصالحها أشعلت الأوضاع من جديد، كما هي عادتها وسياستها في كل الأقطار العربية، والدليل أنها اعترضت على نقاط معينة من محصلة التفاهمات الأخيرة بين صنعاء والرياض، الأمر الذي يتوقع المراقبون تأثيره على جدية السعودية التي لا تزال عاجزة عن الخروج من العباءة الأمريكية بشكل يجعلها تمتلك قرارها بدون أي تأثيرات بمواقف واشنطن التي لا تسعى سوى إلى ضمان مصالحها ونفوذها في مناطق الثروات اليمنية، ولا يتحقق لها ذلك إلا بإبقاء حالة الصراع والانقسام بين اليمنيين وتوريط السعودية أكثر في اليمن من خلال تعليق ما تم التفاهم بشأنه وتأجيل الخطوات العملية لتنفيذه، وإفشال أي تحركات تقارب وتواصل بين اليمنيين أنفسهم.