الجديد برس / تقارير/ إبراهيم القانص:
تحرص الولايات المتحدة الأمريكية على بقاء السعودية تحت عباءتها، تبعاً لمصالح واشنطن التي تزداد اتساعاً وتمدداً في المنطقة العربية، على اعتبار أن المملكة بثقلها السياسي والمادي تُعدّ الأكثر تأثيراً في محيطها العربي،
وأكثر ما تتطلبه المصالح الأمريكية عبر وكلائها في المنطقة هو أن تظل الرياض تستعدي جيرانها ومحيطها وتقوي نفوذها بطرقها الخاصة، وأي تقارب بينها وبين الدول التي تغذي فيها النزاعات كسوريا مثلاً، أو تشن عليها الحروب وتمولها مثل اليمن؛ يعني أن المصالح الأمريكية ستتضرر، وحتى لا تتأثر تلك المصالح يجب أن تبقى السعودية تحت التأثير والتوجيه الأمريكي.
ما أبدته السعودية من اندفاع نحو تحقيق السلام في اليمن، لم يعجب الولايات المتحدة التي لا يهمها سوى مصالحها، وبما أنها ستتأثر كان لا بد أن تحاول واشنطن عرقلة الحلول التي ستؤدي لوقف الحرب ورفع الحصار، وإطالة أمد النزاعات وتوسيعها بين اليمنيين، ويبدو أن الولايات المتحدة عملت على إعادة تنشيط تبعية السعودية لها، لتثبيطها عن اتخاذ أي خطوة جادة باتجاه إحلال السلام في اليمن، حسب عبدالله بن عامر، الباحث العسكري التابع لحكومة صنعاء، الذي ذكر في تدوينة على تويتر، أن واشنطن تسعى لفرض شروط قد تعرقل ما تم التفاوض بشأنه بين صنعاء والرياض خلال الأشهر القليلة الماضية، مؤكداً أن المملكة لم تتجاوز حدود التعبير عن رغبتها في استئناف الزيارات والتفاهمات، ولم تغادر مربع الوعود.
الباحث العسكري التابع لدفاع صنعاء، عبدالله بن عامر، نوّه بأن من الصعوبة الفصل بين السعودي والأمريكي، فكل منهما يتحدث عن السلام، إلا أن التوصيف الأقرب للواقع هو التماهي بينهما على أساس تبعية الأول للثاني، وفق المعطيات التي يفرزها المشهد القائم الآن، وعلى سبيل المقارنة في سياق التأثير الأمريكي على السعودية في ما يتعلق باليمن أوضح بن عامر أن الولايات المتحدة فرملت الاندفاع السعودي باتجاه الانفتاح الكامل على سوريا وإعادتها للجامعة العربية، ليصبح انفتاحاً جزئياً وعودة مشروطة، وهو ما تسعى واشنطن لتحقيقه حالياً في ما يخص اليمن، حيث تعمل على إعادة ضبط التوجه السعودي للسلام بفرض شروط تعرقل الحل وتطيل أمد الأزمة، حسب تعبيره.
ويرى مراقبون أن السعودية ستفتح على نفسها باباً ربما يستحيل عليها أن تتمكن من إغلاقه، إذا ما رضخت للضغوطات الأمريكية التي تسعى للحيلولة دون تنفيذ الخطوات المتفق عليها خلال التفاوضات الأخيرة، والتي كانت الأولوية فيها للملفات الإنسانية والاقتصادية، حيث سبق وأن هددت صنعاء بأن ردها سيكون قاسياً على المملكة، خصوصاً أن الرياض تدرك جيداً من تجارب سابقة أن تلك الوعود والتوعدات ليست مجرد مادة للاستهلاك الإعلامي، وسرعان ما تتحول إلى ترجمة واقعية على الأرض، وفي الوقت نفسه لم تستطع واشنطن حماية المنشآت السعودية التي استهدفتها مسيّرات صنعاء وباليستياتها في المراحل الماضية، وبالتالي سيكون من غير المنطق أن تصغي المملكة للولايات المتحدة على حساب أمنها القومي ومنشآتها التي ليست ببعيدة عن مرمى صواريخ وطائرات صنعاء، وفي مُقّدَّمِها عمود وركيزة الاقتصاد السعودي، “أرامكو” النفطية.
وكان مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع لصنعاء، وجّه تحذيراً للمجتمع الدولي والدول الأوروبية، عبر المبعوث الأممي إلى اليمن، مؤكداً أن العالم بأكمله سيتضرر في حال عودة التصعيد العسكري، وأن اليمن وأبناء الشعب اليمني لن يتحملوا وحدهم تبعات التصعيد الذي سينتج عن إفشال جهود السلام.