الجديد برس:
اتهم تقرير اقتصادي حديث البنك المركزي في عدن بالفشل في السيطرة على النظام المصرفي، منذ نقل عمليات المركز الرئيسي من صنعاء إلى عدن في 2016م، مؤكداً أن إدارات البنك المتعاقبة مارست الفساد بكل أدواته وأشكاله، وبالأخص في تمويل الاعتمادات المستندية من الوديعة السعودية، وعمليات بيع وشراء العملات، فضلاً عن تجاوزات صلاحيات البنك المنصوص عليها في الدستور والقانون.
وأكد التقرير الصادر عن مؤسسة “يمنيات للنزاهة والشفافية” بعنوان “عمليات البنك المركزي في عدن خلال الفترة من 2016 إلى 2021م” أن الفجوة في أسعار الصرف ما بين مناطق الحكومة اليمنية المدعومة سعودياً، وحكومة صنعاء خلال هذه الفترة وصلت إلى 130%.
ولفت التقرير المدعوم بالوثائق إلى أن تخصيص مبلغ 30 ألف دولار كل ربع سنة لسفارة اليمن في واشنطن، تجاوز صريح لصلاحيات البنك المنصوص عليها في الدستور والقانون.
وأوضح أن البنك أنشأ كيانات ليست فعلية، كالأكاديمية المالية المعنية بالتدريب والتطوير للكادر بكلفة تجاوزت 50 مليون ريال، مؤكداً أنها لم تنفذ خلال عام كامل سوى نشاطين، وأنها ووحدة الصكوك الإسلامية تعملان خارج إشراف ورقابة قيادة مجلس إدارة البنك بعدن.
وحسب التقرير، امتدت تجاوزات البنك إلى مخالفة صلاحياته في شراء نظام البصمة المشفرة وطباعة وقراءة البطاقة الذكية لموظفي الجهاز الاداري للدولة- وفق الوثيقة المرفقة- بمبلغ 24.8 مليون ريال سعودي.
وحول تمويل الاعتمادات المستندية من الوديعة السعودية (خلال الفترة من 13 أكتوبر 2018 إلى 13 فبراير 2019م) أوضح التقرير أن معظم إجراءات توظيف الاحتياطات من النقد الأجنبي، تمت خارج عناصر الآلية القانونية للبنك المركزي المنصوص عليها في القانون رقم (14) لسنة 2000 والمعدل بالقانون رقم (21) لسنة 2003م، كما جرت خارج توصيات غرفة التجارة الدولية – باريس.
وأشار التقرير إلى استخدام 445 مليون دولار، تعادل قرابة 211 مليار ريال يمني، في حين أن المعادل المفترض من الأصول بتاريخ التنفيذ وفقاً لأسعار السوق مخصوماً منها هامش تقديري بمقدار 15 ريالاً يمنياً تعادل 259.6 مليار ريال يمني، وبفارق هدر من المال العام وصل 48.7 مليار ريال يمني.
واعتبر التقرير ذلك هدراً متعمداً للمال العام، حيث ترتب على عمليات توظيف الاحتياطي من العملات الصعبة- في تمويل الاعتمادات والتدخل المباشر في عمليات السوق المفتوح- إهدار نحو (62 مليار ريال يمني) واستنزاف الاحتياطي من النقد الأجنبي والوديعة السعودية.
وأوضح التقرير أن الفاقد من احتياطي الوديعة السعودية، في تمويل الاعتمادات المستندية وصل قرابة 37 مليار ريال يمني، لافتاً إلى أنه لم يتم إلزام التجار من قبل البنك المركزي اليمني، بتوفير فواتير بيع سلعهم الاستهلاكية المدعومة من الوديعة السعودية.
وأكد أن بعض العمليات تمت لصالح مجموعة تجارية واحدة، تم منحها زيادة بمقدار 10% عن كل خطاب اعتماد مستندي، من الخطابات المقدمة لصالح المجموعة ولم تُعرف الأسباب.. مبيناً أن محافظ وأعضاء مجلس إدارة البنك ركزوا في عمليات بيع العملة الصعبة على شركات صرافة محددة، بهدف استغلال وظائفهم للتربح والكسب غير المشروع، وليس الحفاظ على سعر عادل للريال أمام النقد الأجنبي. حسب تعبير التقرير.
ويواجه البنك المركزي في عدن تحديات مالية ناجمة عن استمرار عجزه، حتى اللحظة، في السيطرة على الإيرادات حيث امتنعت مارب وشبوة وحضرموت، ومؤخراً عدن، عن إيداع عائدات روافدها اليومية، إلى خزينته التي تشكل الوعاء الرسمي لعائدات مناطق الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، التي تشهد حالياً تردياً غير مسبوق على المستوى الخدمي والمعيشي والسعري.
كما يواجه البنك تحديات أخرى تمثلت في الاتهامات المحلية والدولية بالفساد، فضلاً عن عجزه في السيطرة على السوق المصرفية، في مناطق الحكومة اليمنية الموالية للتحالف، وسط تراجع الثقة الإقليمية والدولية إلى أدنى مستوياتها بقدرات وأداء البنك، وهو ما تجلى في تعثر وصول الوديعة الخليجية التي تعهدت بها السعودية والإمارات في إبريل 2022م، وإحجام المانحين عن الوفاء بتعهداتهم.