الجديد برس:
كشفت مصادر دبلوماسية عن تحركات أمريكية عبر المبعوث الأممي هانس غروندبرغ لعرض رؤيتها للحل السياسي في اليمن، وذلك في أعقاب إفشالها مساعٍ إقليمية لاختراق جدار الأزمة وآخرها الوساطة العُمانية.
يأتي ذلك بالتزامن مع الكشف عن جولة مرتقبة للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، تشمل صنعاء ومأرب وعدن وحضرموت، وفق مصادر أممية.
ويهدف المبعوث الأممي خلال جولته الجديدة طرح مقترحات أمريكية خاصة بالتفاوض حول الملفات الإنسانية وربطها بملفات أخرى منها “التسوية السياسية الشاملة”، وهو ما ترفضه صنعاء باعتبارها استحقاقات للشعب اليمني غير خاضعة للمساومة.
وأكدت مصادر دبلوماسية وأخرى في مكتب المبعوث الأممي، أن جزء من مقترح أمريكي سيحمله هانس غروندبرغ، خلال زيارة مرتقبة إلى صنعاء، مشيرةً إلى أن المقترح يربط بدء تنفيذ الملف الإنساني وعلى رأسه موضوع صرف المرتبات، بشروط معقدة أهمها التوصل إلى حل سياسي يفضي إلى تشكيل حكومة ومجلس رئاسي في اليمن على غرار مجلس ليبيا وهو ما سبق ورفضته صنعاء على لسان رئيس المجلس السياسي الأعلى.
وأشارت المصادر إلى فشل المفاوضات حول ملف صرف المرتبات التي كانت قادتها سلطنة عُمان، موضحةً بأن الخلاف بالنسبة لملف المرتبات تمحور حول آلية الصرف في حين تصر الولايات المتحدة على اخضاع العسكريين والأمنيين في شمال اليمن للعمل تحت إدارة حكومة المجلس الرئاسي مقابل صرف مرتباتهم.
وكانت الولايات المتحدة كثفت مؤخراً تحركاتها في الملف اليمني دبلوماسياً وعسكرياً حيث فرضت دبلوماسية أمريكية سابقة معروفة بهندسة اتفاق ليبيا كنائب للمبعوث الأممي إلى اليمن، في الوقت الذي عززت فيه قواتها المتمركزة في البحر الأحمر.
كما عاود المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ التحرك بملف اليمن، كاشفاً عن توجه بلاده لإنهاء الحرب وفقاً لأجندة تحفظ لها بقاء في مناطق جنوب وشرق اليمن.
وقبل أيام، جددت حكومة صنعاء التلميح إلى الخيار العسكري في حال لم تسفر المفاوضات عن اتفاق على صرف مرتبات موظفي الدولة، فيما استبعد المبعوث الأمريكي إلى اليمن العسكريين في حديثه عن ضرورة الاتفاق على دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية.
وقال عضو وفد صنعاء المفاوض، عبدالملك العجري، في تغريدة على حسابه بموقع “تويتر” مساء الخميس، إن انقطاع المرتبات وإن كان سببه ما وصفه بالعدوان إلا أن “مسؤولية استعادة حق الموظفين الأساسي في المرتبات يقع على عاتق السلطة والحكومة الوطنية”، بحسب قوله.
وأضاف العجري أنه “من واقع هذه المسؤولية ركز الوفد الوطني ومن خلفه القيادة السياسية جهودهم لاستعادة هذا الحق بطرق سلمية، والوضع الآن في منطقة حرجة”،
وفي تهديد ضمني باللجوء للخيار العسكري قال العجري إنه “إذا أوصل تحالف العدوان الأمور لطريق مسدود فإن الأمور ستأخذ مساراً تصعيدياً وهو ما لا نتمناه”، بحسب تعبيره.
وختم العجري تغريدته بالقول: إن “ما يجب أن يدركه المجتمع الدولي والأمم المتحدة أن قضية المرتبات أصبحت مهدداً جدياً لوقف إطلاق النار الهش”.
من جانبه استبعد المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، العسكريين من قضية التفاوض على صرف مرتبات موظفي اليمن، بتركيزه على مرتبات موظفي الخدمة المدنية.
وحث ليندركينغ، في إيجاز صحفي نهاية الأسبوع الماضي، “على الأطراف التوصل إلى اتفاق بشأن كيفية دفع رواتب الآلاف من موظفي الخدمة المدنية اليمنيين الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ سنوات”. مشيراً إلى أن بلاده والأمم المتحدة تدعمان “الجهود للتوصل إلى موقف مشترك في ما يتعلق بدفع الرواتب”.
وكانت حكومة صنعاء اتهمت الولايات المتحدة بعرقلة مفاوضات صرف مرتبات موظفي الدولة، حيث كانت تعتبر أن تصريحات المبعوث الأمريكي المتعددة التي وصف فيها قضية المرتبات بـ”المعقدة” بأنها دليل على عدم رغبة واشنطن في التوصل لاتفاق يفضي لصرف مرتبات موظفي الدولة المتوقفة منذ سبتمبر 2016.
وكشف المبعوث الأمريكي أنه أجرى “اجتماعات للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار جديد وأكثر شمولية وإطلاق حوار يمني – يمني بوساطة أممية”.
وكان المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أشار في إحاطته لمجلس الأمن في 16 أغسطس الجاري أن قضية سداد الرواتب، بما يشمل مسألة مصادر الإيرادات، قضية محورية تحتم على الطرفين إيجاد حل متفق عليه.
وأكد غروندبرغ حينها أنه مستمر في بحث الخيارات مع الطرفين حول الطرق الأمثل لضمان انتظام سداد رواتب موظفي القطاع العام في جميع أنحاء البلاد، وتحسين الخدمات، وتوفر السلع الأساسية بأسعار في المتناول، ومنظومة مصرفية قادرة على الاضطلاع بمهامها، وتيسير النشاط التجاري.
وكان رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، مهدي المشاط، قال، مطلع الأسبوع الماضي، إن “صبر الشعب اليمني قارب على النفاد”، مؤكداً أن “من حق الشعب أن يدافع عن نفسه إذا أغلق العدو أبواب السلام”.
ولفت المشاط خلال لقائه وفد سلطنة عُمان، إلى أنه “لم يعد من المقبول استمرار الحصار والعدوان في اليمن”، رافضاً تحويل الاستحقاقات الإنسانية، المتمثلة بصرف مرتبات موظفي الدولة كافة، وفتح مطار صنعاء الدولي، وإزالة كل القيود المفروضة على ميناء الحديدة، إلى محل تفاوض.
وأكد أن “صنعاء مع السلام العادل، الذي يضمن حقوق الشعب اليمني، وأثبتت ذلك خلال الفترة الماضية”.
وأشار المشاط إلى أنه بات على دول التحالف أن تثبت جديتها في السلام من خلال تقديم الخطوات العملية بشأن تنفيذ مطالب الشعب اليمني، المتمثلة بالملف الإنساني كأولوية إنسانية ومحقة.