الجديد برس:
استبعد المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، تحقيق أي معالجات اقتصادية في اليمن بما في ذلك ملف المرتبات بدون توصل اليمنيين إلى تسوية مستدامة وطويلة الأمد، مشيراً إلى أن مسألة المرتبات ما زالت معقدة ومتعثرة عند كيفية تسليمها.
وقال غروندبرغ في لقاء تلفزيوني مع قناة “اليمن اليوم” نسخة القاهرة: “إن مسألة الرواتب كانت على جدول الأعمال لوقت طويل، وكانت جزءاً من الاقتراح الأممي الذي قدمناه إلى الأطراف في سبتمبر الماضي”، مؤكداً أن الجميع داخل اليمن وخارجه، متفقون على ضرورة دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، لكن بمجرد الدخول في كيفية تسليم هذه الرواتب، تبرز أسئلة شديدة التعقيد عندما يتعلق الأمر بالميزانية والإيرادات، وهي الأسئلة التي يجب تسويتها لإيجاد حل يسمح بدفع الرواتب.
وأشار إلى أن تسوية تلك الأمور تتطلب من اليمنيين الدخول في مفاوضات على المدى الطويل، والوصول إلى تسوية مستدامة بشأن صرف هذه الرواتب مستقبلاً، وهذه المناقشات مستمرة، مضيفاً: “وهذا لا يعني أننا سنعالج جميع المسائل المتعلقة بالاقتصاد اليمني، فلدينا مجتمع دولي أوسع يحاول معالجة هذه الأمور بطريقة أكثر تضافراً”.
وقال غروندبرغ: إنه عندما تزور اليمن وتتحدث مع اليمنيين، فإن الأولوية التي يتحدثون عنها هي المعاناة الاقتصادية التي يواجهونها يومياً، والحل هو الوصول إلى تسوية سياسية مستدامة طويلة الأمد للنزاع”. مبيناً أن ذلك سيسمح بالتدفق الحر للسلع إلى اليمن مع ضرائب موحدة، وسيسمح بالعودة إلى الحياة الطبيعية التي يحتاجها اليمنيون، وأن ذلك أمر لا يقتصر على حرية حركة البضائع فحسب، بل حرية حركة الأشخاص داخل اليمن. ولكي يحدث ذلك، يجب أن تكون الطرق مفتوحة، في تعز وفي غيرها من المحافظات.
وقال المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، في معرض رده على سؤال متعلق بميناء الحديدة: أعتقد أن أحد التحديات التي شهدناها في اليمن منذ فترة طويلة هو انخفاض القوة الشرائية لليمنيين أنفسهم، لذلك، حتى لو كان الغذاء متوفراً، فإن التحدي الكبير هو قدرة اليمنيين أو عدم قدرتهم على شراء هذا الغذاء”.
واعتبر ميناء الحديدة نقطة دخول أساسية للبضائع اليمنية، وبدونه هناك خطر أن تظل أسعار السلع مرتفعة بسبب تكلفة دخول البضائع إلى اليمن. مؤكداً أهمية السماح لأكبر عدد ممكن من منافذ الدخول بالعمل بشكل يسمح بالتدفق الحر للبضائع ويساهم في خفض أسعار السلع اليومية، وهو ما سيؤدي بدوره إلى تحسين القوة الشرائية لليمنيين، حسب قوله.
وحول سؤال كيفية تقاسم الإيرادات داخل اليمن في المستقبل، أوضح غروندبرغ أن اليمنيين معنيون بالإجابة على هذا السؤال من خلال التفاوض تحت رعاية الأمم المتحدة، مضيفاً: على اليمنيين أن يتحدثوا مع بعضهم البعض حول هذه القضايا للتأكد من أننا نستطيع إيجاد حلول مناسبة وطويلة الأجل ومستدامة وعادلة بشأن هذه القضايا، ولا يقتصر الأمر على الإيرادات من ميناء الحديدة فحسب، بل إيرادات أخرى داخل اليمن”.
وهنا يشير المبعوث الأممي في معرض إجابته الأخيرة بخصوص ميناء الحديدة إلى أن إيرادات الميناء ليست المصدر الرئيسي الذي من خلاله يمكن توفير مرتبات الموظفين، وأن ما قال عنها “إيرادات أخرى داخل اليمن” كان المقصود بها إيرادات النفط الخام والغاز التي كانت إيراداتها تمثل 90% من موازنة الدولة اليمنية.
وكان غروندبرغ يحاول من خلال تبريره باستبعاد تحقيق أي معالجات اقتصادية بما في ذلك ملف المرتبات بدون توصل اليمنيين لتسوية مستدامة وطويلة الأمد، إلى تسويق الرؤية الأمريكية التي تشترط الدخول في مفاوضات بين الأطراف اليمنية ومحاولة ربط مرتبات الموظفين المنقطعة منذ أكثر من سبع سنوات، بتسوية سياسية شاملة تضمن واشنطن من خلالها وجود طرف يمني مشارك في السلطة مستقبلاً يعمل لصالح تحقيق المصالح الأمريكية في اليمن.
كما تهدف واشنطن من هذه الرؤية إلى بقاء ملف المرتبات ورقة ضغط اقتصادية تستخدم ضد حكومة صنعاء لإجبارها على تقديم تنازلات لصالح واشنطن في اليمن تحت اسم الطرف اليمني الآخر الموالي للتحالف السعودي الإماراتي المدعوم أمريكياً وبريطانياً، وهو ما يكشف سبب رفض الولايات المتحدة أي تفاهمات عبر الوساطة العُمانية بين صنعاء والرياض على ملف الاستحقاقات الإنسانية وعلى رأسها صرف المرتبات.
وسبق أن اتهمت حكومة صنعاء الولايات المتحدة بعرقلة مفاوضات صرف مرتبات موظفي الدولة، حيث كانت تعتبر أن تصريحات المبعوث الأمريكي المتعددة التي وصف فيها قضية المرتبات بـ”المعقدة” بأنها دليل على عدم رغبة واشنطن في التوصل لاتفاق يفضي لصرف مرتبات موظفي الدولة المتوقفة منذ سبتمبر 2016.
وكانت واشنطن قد دفعت مؤخراً بالمبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ بجولة شملت طهران والقاهرة قبل أن يزور عدن ومأرب وصولاً إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، وحمل غروندبرغ خلال جولته الأخيرة مقترحات أمريكية جديدة حول المرتبات والملف الإنساني والدخول في عملية سلام سياسية جامعة.
والخميس الماضي، قال رئيس المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، مهدي المشاط، إن أمريكا تمارس ضغوطاً على السعودية للهروب من الاستحقاق الإنساني في الملف اليمني، مؤكداً بأن الصواريخ والطائرات المسيّرة كفيلة بحل تلك القضايا الأساسية التي يماطل التحالف في تنفيذها، وعلى رأسها قضية المرتبات.
كما أكد المشاط، قبل أسبوعين، خلال لقائه وفد سلطنة عُمان، رفض صنعاء تحويل الاستحقاقات الإنسانية، المتمثلة بصرف مرتبات موظفي الدولة كافة، وفتح مطار صنعاء الدولي، وإزالة كل القيود المفروضة على ميناء الحديدة، إلى محل تفاوض.