الجديد برس:
مع التحركات المكثفة التي شهدتها كلاً من اليمن والسعودية خلال الأيام القليلة الماضية والمستمرة حتى الآن، كانت النخبة اليمنية المنفية في الخارج (التي هربت وشكلت حكومة شكلية وعميلة للغرب اعترف بها المجتمع الدولي ممثلاً لليمن) والتي فقدت مصالحها بعد سقوط صنعاء بيد أنصار الثورة التي قادتها حركة أنصار الله ضد نظام عبدربه منصور هادي الذي كان يُقاد من حزب الإصلاح ويتحرك بموجب الإملاءات الصادرة من السفارة الأمريكية شرق صنعاء خلال الفترة 2012 – 2014، كانت هذه النخبة مُلزمة بموجب التوجيهات الصادرة من صانعي القرار في الرياض بالصمت وعدم الاعتراض على أي خطوة تقدم عليها السعودية.
لكن مع تقدم المباحثات بين صنعاء والرياض في جولتها الحالية والتي إن لم تنجح فستكون الأخيرة بلا شك، بدأت القوى والأطراف المحلية اليمنية التي يتواجد قادتها في الخارج منذ 2015، تفقد أعصابها ولم تعد تتمالك أنفاسها بسبب دنو رحيلها من المشهد السياسي إلى الأبد وفقدانها للمصالح التي حققتها ولا زالت بفعل تأييدها للحرب على بلادها مقابل حصولها على مكاسب مالية تصرفها لها اللجنة الخاصة السعودية.
من هذه الأصوات التي لم تتمكن من الالتزام بالتوجيهات السعودية، ياسين سعيد نعمان، الاشتراكي الذي انعجن وأصبح غارقاً من قمة رأسه إلى أخمص قدميه في وحل كل غث وسمين من ثقافة الإمبريالية الغربية التي لا تقيم اعتباراً حتى للمقدسات الأخلاقية ولا لأي اعتبارات إنسانية سواءً في السلم أو في الحرب.
نعمان الذي خلع قناع الاشتراكية، للمرة الأولى منذ أن قبل أن يكون مجرد ديكور معارضة شكلية في نظام عفاش، كرر التخلي عن مبادئه (المزعومة) مرة أخرى عندما قبل أن يركب حزب الإصلاح (تنظيم الإخوان المسلمين) على ثورة شباب 11 فبراير التي انطلقت عام 2011 وكانت السبب في الإطاحة بنظام صالح أو على الأقل الإطاحة برأس النظام فقط مع بقاء صالح وحزبه شريكاً في السلطة بالنصف، ونعمان ذاته الذي ظل طوال حياته السياسية يحمل مبادئ النضال والكفاح ضد القوى الرجعية في الإقليم وعلى رأسها ممالك ودول النفط التي تمتص شعوب الأمة وتمارس هيمنتها ووصايتها على عدد من البلدان على رأسها اليمن، وتعتاش على العمالة للغرب الإمبريالي، هو ذاته الذي ما إن جاءت الفرصة لخروج اليمن من عباءة السعودية وقشع الوصاية على اليمن واليمنيين حتى سارع للارتماء في حضن الإمبريالية والرجعية.
اليوم نعمان من داخل العاصمة البريطانية لندن، يصرخ بأعلى صوته بأن السلام في اليمن على قاعدة مطالب صنعاء التي أصرت عليها وفرضت على المعتدي القبول بها وعلى رأسها رفع الوصاية الخارجية (أي وصاية) على اليمن وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، يصرخ بأنه ليس سلاماً وإنما اعترافاً بما يسميه (الانقلاب).
لا يعترف نعمان وغيره من القوى اليسارية المزيّفة التي هربت في 2015 إلى الغرب وارتمت في حضن الرجعية لتشرعن لها انتهاك اليمن وما تبقى من سيادة على مياهه وجزره وأراضيه وحدوده، بأن ما حدث في اليمن في سبتمبر 2014 ثورة شعبية طاغية وشرعية، ثورة حقيقية انتفضت ضد من تآمروا على ثورة 11 فبراير وانقلبوا عليها وذهبوا لتقاسم السلطة الشكلية في اليمن حينها مع نظام عفاش ويا ليتها كانت سلطة ذات سيادة بل كانت مسلوبة السيادة كلياً وكان السفير الأمريكي من صنعاء يحركهم جميعاً بالهاتف.
كانت معارضة نظام صالح، معارضة شكلية، فالجميع كانوا يستلمون من اللجنة السعودية الخاصة، والجميع أيضاً من تنظيمات (المعارضين الكبار) كانوا يستلمون حتى من علي عبدالله صالح، لأنهم كانوا يؤدون دوراً وظيفياً، وما فعلوه في 2011 إلى جانب أنه انقلاب على ثورة فبراير كان أيضاً انقلاباً على شريكهم علي عبدالله صالح، فلماذا يصر نعمان على أن انقلابهم ثورة، بينما ما حدث في 2014 كان انقلاباً؟.
اليوم ينادي نعمان ويصرخ بأن السلام الذي “يُطبخ بين صنعاء والرياض”، ليس سلاماً وأن السلام المطلوب هو أن يعود اليمنيون إلى مربع الصراع الذي كان دائراً في 2014 مستنداً في مطالبه إلى ما يسمونه المرجعيات الثلاث التي كانت رأس البلاء والوباء الذي حل باليمن على مدى سنوات الحرب التسع الماضية.
*بقلم: يحيى محمد الشرفي