الجديد برس:
قال معهد دول الخليج العربية في واشنطن، إن الاستراتيجية الجديدة للمملكة العربية السعودية التي تركز على الخروج من اليمن تضعف ضمنياً ما وصفه بالمؤسسات الرسمية في البلاد وتوفر نفوذاً سياسياً أكبر لحركة أنصار الله “الحوثيين”.
ونشر معهد دول الخليج العربية في واشنطن، تقريراً بعنوان: “استراتيجية المملكة السعودية الجديدة في اليمن: الحدود والوكلاء”، حيث يبدو من عنوان التقرير محاولة واشنطن استدعاء مخاوف وهمية أمام السعودية لدفعها نحو فرملة تحركاتها للسلام مع صنعاء وإنهاء هذه الحرب التي غرقت فيها الرياض طوال 8 سنوات.
وأظهر المعهد الذي يتلقى تمويلا من مؤسسات إماراتية تخوفا من التفاهمات بين صنعاء والرياض وهو ما يعكس وجهة النظر الإماراتية التي تدفع باتجاه استمرار الحرب، حيث كرر المعهد المزاعم بأن التوجه السعودي يقوض احتمالات عملية سلام يمنية أوسع نطاقاً بقيادة الأمم المتحدة،
استراتيجية خروج ذات شقين من الحرب في اليمن. وبعد فشلها في تحقيق نصر عسكري على الأرض، اختارت المملكة التحدث مباشرة مع الحوثيين لعزل الحدود والمياه المجاورة عن الهجمات. وفي الوقت نفسه، كثفت المملكة العربية السعودية نشاطها في جنوب اليمن من خلال موالين يشبهون الوكلاء لمواجهة القوات الانفصالية والموالية للإمارات. ويمثل هذا تغييراً استراتيجياً في سياسة المملكة العربية السعودية تجاه اليمن، والتي كانت قد أعطت الأولوية في السابق للسعي إلى وقف إطلاق النار على مستوى البلاد والحفاظ على دولة يمنية موحدة، وذلك بشكل رئيسي من خلال التعامل مع المؤسسات الرسمية.
ولفت إلى أن السعوديين لم يقدموا الدعوة إلى أي من أعضاء المجلس القيادي الرئاسي أو ممثلين عن الحكومة للمشاركة في المفاوضات، ويشير هذا إلى أن المملكة العربية السعودية تقترب الآن من حل الصراع في اليمن في المقام الأول من منظور الحدود، وبالتالي تقليص أهدافها الأولية، والتي كانت تتمثل في الهزيمة العسكرية للحوثيين وإعادة الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في صنعاء.
تحركات سعودية في الجنوب
بحسب المعهد، فإن السعودية عندما أدركت أنها لا تستطيع تغيير ميزان القوى في الشمال الغربي الذي يسيطر عليه الحوثيون توجه تركيزها الاستراتيجي نحو الجنوب. وتقوم بمراجعة استراتيجيتها في المناطق الجنوبية في اليمن لتوسيع النفوذ العسكري والسياسي، وبالتالي تحدي النفوذ الملحوظ الذي بنته الإمارات العربية المتحدة منذ عام 2015 على حساب الرياض.
ونوه المعهد إلى إنشاء الرياض لقوات ما يعرف بدرع الوطن وأيضاً تأسيسها مجلس حضرموت الوطني، وهو ما يفرض تحديات أمام الانتقالي والإمارات.
وزعم المركز أن تداعيات الاستراتيجية السعودية تنطوي على ثلاثة مضامين رئيسية فهي تضعف الحكومة الموالية للتحالف حيث تم استبعادها من المحادثات مع الحوثيين، فضلا عن إنشاء قوات بالوكالة، أما المضمون الثاني فهي توفر نفوذاً سياسياً أكبر للحوثيين في مواجهة الحكومة، نظراً لأن السعوديين اعترفوا بشكل متزايد بالحوثيين كمحاورين بينما قاموا ضمنياً ولكن بقوة بتقليص مثل هذا التأييد للحكومة الموالية للتحالف، والمضمون الثالث أن الاستراتيجية السعودية تثير الاستراتيجية منافسة أكبر بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في اليمن، حيث تتنافسان على النفوذ في المناطق الجنوبية.
ولخص الكاتب تحليله بالإشارة إلى أنه ”للمرة الأولى منذ عقود، بدلاً من التعامل مع اليمن باعتباره “فناءها” أو كامتداد لمجالها الداخلي، تتعامل المملكة العربية السعودية مع اليمن باعتباره قضية سياسة خارجية لها آثار أمنية ذات صلة. ويرجع ذلك على الأرجح إلى أن الرياض لم تعد قادرة على فرض قواعد اللعبة، وتفتقر إلى محاورين راسخين بين السياسيين والحلفاء القبليين، ولذا فهي تختار التسوية والنفوذ غير المباشر، في محاولة لتعظيم المكاسب من خروجها العسكري من اليمن.
ويبدو من الواضح أن واشنطن لا تريد أن تتم أي عملية سلام بين صنعاء والرياض، محاولة جعل عملية السلام عبر مساقات الأمم المتحدة التي فشلت طوال السنوات الماضية في إنجاح أي مفاوضات رعتها أو قادتها الهيئة الأممية في اليمن.
ولعل أكبر دليلاً على فشل مساقات الأمم المتحدة التي تتدخل فيها بشكل مباشر الولايات المتحدة الأمريكية، فشل رعاية المبعوثين الأمميين لصفقات تبادل الأسرى، والتي لم تنجح سوى صفقتين رئيسيتين، بينما أدت صفقات تبادل الأسرى التي كانت تتم دون تدخل من الأمم المتحدة وعبر اتفاقات بينية إما بين صنعاء والأطراف المحلية التابعة للتحالف أو بين صنعاء والرياض مباشرة من دون تدخل أممي وأمريكي بلغ فيها عدد الأسرى المفرج عنهم من الجانبين نحو 10 آلاف أسير بينما لم يتجاوز إجمالي عدد الأسرى الذين تم الإفراج عنهم عبر الصفقات التي رعتها الأمم المتحدة الـ2500 أسير من الجانبين.