الجديد برس:
احتلت عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، العناوين الأولى في الصحف والمجلات الأجنبية العالمية التي تناقش الوضع في “إسرائيل”، وتطرح أسئلة عن توقيت العملية، وعن آثارها إقليمياً، فيما أجمعت العديد من الصحف على أن العملية تؤكد فشل “إسرائيل” استخباراتياً.
مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية قالت إن “الهجوم الفلسطيني ليس له سابقة في التاريخ الإسرائيلي الحديث، وكمية الصواريخ التي أطلقتها حماس، في الهجمات الأولية، تجعل الهجوم أكبر هجوم صاروخي ضد إسرائيل منذ سيطرة حماس على غزة في عام 2007”.
وذكرت أن “حماس ابتكرت أساليب جديدة في عمليتها، حيث استخدمت الطائرات الشراعية من بين وسائل أخرى لدخول المستوطنات”، مشيرةً إلى أنّ “التسلل يعتبر مدمراً بالنسبة لإسرائيل بسبب الخسائر في الأرواح والرهائن”.
وأكدت المجلة أن “الوضع فوضوي، والقتال مستمر، وقد تكون الأعداد النهائية للقتلى والجرحى والرهائن أكبر بكثير من التقارير الأولية”.
كما أشارت إلى أن “التوترات والتحذيرات من الانتفاضة الثالثة كانت منتشرة، إلا أن حجم هذا الهجوم فاجأ إسرائيل، وكذلك المراقبين الخارجيين”، مؤكدةً أنّ “الهجوم يمثل فشلاً استخباراتياً إسرائيلياً هائلاً”.
وأوضحت أنه “من الناحية التكتيكية، لم تكن إسرائيل مستعدة لمواجهة قدرة حماس على تسلل المقاتلين عبر الحدود وتنفيذ عملية واسعة النطاق تحت أنظار إسرائيل، التي لم تكن مستعدة لمثل هذا التصعيد الدراماتيكي في القتال”.
ولفتت “فورين بوليسي” إلى أن الهجوم الفلسطيني جاء في الذكرى الخمسين لحرب أوكتوبر المفاجئة أيضاً”، في حين أكدت أنّ “احتجاز حماس للرهائن سيؤدي إلى تعقيد الوضع بشكل كبير”.
أما صحيفة “بوليتيكو”، فقد حاورت دينيس روس، والذي شغل منصب مدير تخطيط السياسات بالولايات المتحدة سابقاً، وهو أيضاً مستشاراً في معهد واشنطن.
واعتبر روس أن “السبب الرئيسي وراء شن حركة حماس هجوماً الآن، هو احتمال التوصل إلى اتفاق أميركي سعودي إسرائيلي لتطبيع العلاقات، إذ أنها تدرك أنّ هذا حدث يعد تحول ضخم، وهي تحاول خلق ظرف يُصعّب أو يمنع التوصل إلى تطبيع”.
ووفقاً له، فإن العملية “كان مخططاً لها على مدى فترة طويلة من الزمن”، موضحاً أن “امتلاك طائرات شراعية، والاستعداد لاختراق السياج، وإطلاق وابلاً من الصواريخ كوسيلة للتغلب على نظام الدفاع الجوي ليس أمراً لحظوياً”.
كما اعتبر أن “الفشل الاستخباراتي في إسرائيل اليوم يعادل ما حدث قبل 50 عاماً في حرب أوكتوبر، رغم أنّه في عام 1973 شنّت الحرب جيوش عربية تقليدية، واليوم جهات غير حكومية”.
أما صحيفة “واشنطن بوست”، فرأت أن الهجوم الفلسطيني “له عواقب خطيرة، وغير متوقعة، وقد تمتد”.
واعتبرت أن “الهجوم المفاجئ الذي شنه مقاتلو حماس يوم السبت على إسرائيل بمثابة تذكير قاتم بأنّ القتال في الشرق الأوسط يتفوق على صنع السلام”، محتملةً أنّ “حماس ربما تحاول جر إسرائيل إلى مستنقع أشبه بالغزو الإسرائيلي للبنان في العام 1982، لعلمها أن القوات الإسرائيلية تصبح أكثر ضعفاً عندما تقاتل برياً راجلة مقارنة بإسقاطها قنابل من السماء”.
وقالت في هذا السياق أنه “من الصعب أن نتصور أن محادثات السلام السعودية الإسرائيلية تحقق تقدماً كبيراً في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل أسوأ هجوم مفاجئ تعرضت له منذ حرب أوكتوبر”.
صحيفة “نيويورك تايمز” بدورها نشرت مقالاً في الرأي للكاتب توماس فريدمان، أكد فيه أن يوم عملية “طوفان الأقصى”، هو “أسوأ يوم لإسرائيل في الحرب”.
ورأى فريدمان أن “أي حرب طويلة الأمد بين إسرائيل وحماس يمكن أن تحوّل المزيد من المعدات العسكرية الأمريكية التي تحتاجها كييف إلى تل أبيب، وستجعل صفقة التطبيع السعودية الإسرائيلية المقترحة مستحيلة في الوقت الحالي”.
كما قال إنه “إذا تبين أن إيران شجعت هجوم حماس لإحباط الصفقة الإسرائيلية السعودية، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة التوترات بين إسرائيل وحزب الله، وكذلك بين الرياض وطهران”، مؤكداً أن “هذه لحظة خطيرة بشكل لا يصدق على جبهات متعددة”.
صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية وصفت يوم شن عملية “طوفان الأقصى”، بـ “اليوم الذي أذهل إسرائيل”، مؤكدةً أن “الهجمات تهز الثقة في أجهزة المخابرات”.
وأوردت الصحيفة تصريحاً لأمير أفيفي، وهو النائب السابق لقائد فرقة غزة بالجيش الإسرائيلي، يقول فيه إن “هذا الفشل ليس أصغر من حرب يوم الغفران.. أنا مندهش من الفشل ليس فقط في الاستخبارات العامة، ولكن أيضاً في القوات التكتيكية”، مضيفاً أن “عامل المفاجئة لا يجب أن يمنع فرقة غزة من القيام بعمل أفضل بكثير في الدفاع عن الحدود”.
فيما سلطت شبكة “بي بي سي” البريطانية في مقال نشرته يوم الأحد الضوء على التطبيع الإسرائيلي السعودي عقب التصعيد الأخير في قطاع غزة وعملية “طوفان الأقصى”.
وقال كاتب التقرير سمير الهاشمي “من المحتمل أن يؤدي هجوم حماس ورد فعل إسرائيل إلى عرقلة المفاوضات الثلاثية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، والتي اكتسبت زخما في الأشهر الأخيرة”.
وأضاف الكاتب أن المملكة العربية السعودية دعت إلى وقف فوري لتصعيد الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وتابع قائلاً “يبدو أيضا أنها تلوم إسرائيل على التصعيد دون تسمية الدولة بشكل مباشر، حيث قالت وزارة الخارجية السعودية في بيان رسمي إنها أصدرت تحذيرات متكررة من مخاطر انفجار الأوضاع نتيجة استمرار الاحتلال، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة”.
وذكّر الكاتب في السياق أن محادثات التطبيع تدور حول اعتراف السعودية بإسرائيل مقابل مبيعات أسلحة أمريكية وضمانات أمنية والمساعدة في بناء برنامج نووي مدني، مشيرا إلى تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الشهر الماضي التي قال فيها إن “الاتفاق يقترب لكن هناك حاجة إلى حل للقضية الفلسطينية قبل المضي قدما فيه”.
بلينكن يربط بين طوفان الأقصى والتطبيع بين السعودية و”إسرائيل”
وفي وقتٍ لاحق، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الأحد، إن هذا هو الهجوم الأسوأ على “إسرائيل” منذ حرب 1973، في إشارة إلى عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية صباح السبت رداً على انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته، والمستمرة حتى اللحظة.
وقال بلينكن في حديثه لشبكة “سي إن إن”، إن تركيز واشنطن الآن ينصب على “مساعدة إسرائيل في التأكد من أن لديها ما تحتاجه للتعامل مع هذا الأمر”.
وأضاف: “ننظر في طلبات إضافية محددة قدمها الإسرائيليون، ويرجح الإعلان عنها اليوم”.
وبين بلينكن أن “من يعارض التطبيع هم حماس وحزب الله وإيران، لذلك لن يكون مفاجئاً أن يكون جزء من الدافع من وراء هذا الهجوم هو تعطيل الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل”.
وتابع: “لم نرى حتى الآن دليلاً على أن إيران تقف وراء هذا الهجوم بالذات، رغم وجود علاقات قديمة بين حماس وطهران”.
وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي جو بايدن أمر بمساعدة إضافية لـ”اسرائيل”.
في السياق ذاته، قال نائب رئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون فاينر، الأحد، إن “من السابق لأوانه تحديد كيف وقع الهجوم على “إسرائيل”، أو الدور المحتمل الذي ربما لعبته إيران، أو ما إذا كان الهجوم يهدف إلى عرقلة محادثات تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل”.
وأضاف فاينر لشبكة “فوكس نيوز”: “نعتقد أنه سيكون من مصلحة البلدين مواصلة العمل على هذا الأمر”، في إشارة إلى جهود السعودية وإسرائيل لتطبيع العلاقات بينهما.
وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، بدوره، قال إنه وجه بإرسال حاملة الطائرات “جيرالد فورد” إلى شرق البحر الأبيض المتوسط وسط هجمات حماس. مشيراً إلى أنه حكومة الولايات المتحدة ستزود “الجيش” الإسرائيلي بمعدات وموارد إضافية بينها ذخائر.
والسبت، أكد نتنياهو، في تصريحٍ مسجل، أن “إسرائيل” في حالة حرب، وليس في عملية ولا في جولة قتال، واصفاً ما مر فيه الكيان الإسرائيلي بـ “اليوم الأسود”.
وقال محلل الشؤون السياسية في القناة “13” الإسرائيلية، آري شافيط إن “إسرائيل” في الوقتٍ الأصعب منذ العام 1948، لافتاً إلى أن “إسرائيل” أمام “كارثة قومية”.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية ارتفاع عدد القتلى الإسرائيليين إلى أكثر من 700 قتيل، والجرحى إلى 2200، بينهم عشرات الحالات في خطر شديد.
وتابعت أنه حتى الآن لا يزال هناك 230 مفقوداً إسرائيلياً في أعقاب هجوم غزة.