الجديد برس:
أكدت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، أن اعتماد حركة حماس المتزايد على الأنفاق في قطاع غزة وجهودها الإنشائية المتقنة ساعدت الحركة في تحقيق أهدافها.
وقالت المجلة إن الأنفاق أدت إلى زعزعة استقرار القوات الإسرائيلية، وتسببت في خسائر كبيرة، وأخرت نهاية الحرب كما جعلت نصر القوات الإسرائيلية بعيداً نسبياً.
وأشارت إلى أنه “لم يحدث أبداً في تاريخ حرب الأنفاق أن تمكن مدافع من قضاء أشهر في مثل هذه الأماكن الضيقة، فالحفر نفسه والطرق المبتكرة التي استخدمتها حماس للأنفاق وبقاء الحركة تحت الأرض لفترةٍ طويلة أمر لم يسبق له مثيل”. وشددت على أن أنفاق “حماس” هي أكبر نقطة ضعف لـ”إسرائيل” في الحرب، وتدميرها يحتاج عملية بطيئة ومرهقة.
كما أن جيش الاحتلال الإسرائيلي دخل الحرب الحالية وهو يمتلك القدرات العسكرية الأكثر تقدماً في الكشف عن الأنفاق، ولكن حتى أكثر الوحدات المتخصصة عن كشف الأنفاق تكبدت خسائر بسبب تفخيخ مداخل الأنفاق، فالأمر الواضح اليوم هو أن “إسرائيل” لا تستطيع اكتشاف أو رسم خريطة لكامل شبكة أنفاق “حماس”.
ووفقاً للمجلة الأمريكية تشكل الشبكة، التي يستخدمها مقاتلو “حماس” لإخفاء أنفسهم وأسراهم، والتخطيط للعمليات، وتخزين الأسلحة، ونصب الكمائن للجنود الإسرائيليين، جزءاً مهماً من البنية التحتية العسكرية للحركة.
لقد ثبت أنها أكبر نقطة ضعف لـ”إسرائيل” في الحرب، لذلك فإن تدميرها ضروري لإضعاف القدرات العسكرية لـ”حماس” ومنع هجمات مماثلة لتلك التي نفذتها الحركة في 7 أكتوبر، تقول “فورين بوليسي”.
ووفق المجلة فإنه ومع بداية العام الجديد، يلوح في الأفق الآن أسئلة عدة للمخططين العسكريين وللمحللين الذين يسعون إلى استخلاص الدروس، وهي: ما مدى قرب “إسرائيل” من تدمير شبكة الأنفاق؟ وكم من الوقت ستستغرق قواتها للتغلب على هذا التهديد؟
وعن هذا الأمر تقول “فورين بوليسي” الأمريكية إنه لطالما كانت حرب الأنفاق واحدةً من أكثر أشكال القتال فتكاً وتعقيداً، وخلال الحرب العالمية الأولى، مات الآلاف من القوات البريطانية في محاولة لتدمير المواقع الألمانية تحت الأرض. وكذلك وبعد سنوات حاولت الولايات المتحدة هزيمة أعدائها في فيتنام وأفغانستان والعراق.
“فورين بوليسي” قالت إن “إسرائيل تعلمت أمر مكافحة الأنفاق بالطريقة الصعبة، لذلك فإن اكتشاف أنفاق عابرة للحدود حفرتها حماس في عام 2014 أعاد الخطر الأمني الكبير الذي تشكله”.
ولفتت المجلة إلى أنه وبعد حرب عام 2014، تحولت “إسرائيل” إلى نهجٍ أكثر استراتيجية وكثفت جهودها. وأنشأت وحدات النخبة المتخصصة في حرب الأنفاق، وبنت هياكل الأنفاق الخاصة بها لتدريب الجنود، وحسنت الكشف عن الأنفاق مع الوحدات المتنقلة والبحث والتطوير المستهدفين، وتوصلت إلى حلولٍ تكتيكيةٍ فريدة لتعزيز الاستعداد، كما أنها عززت التعاون مع الشركاء والحلفاء.
ونتيجة لذلك، دخل جيش الاحتلال الإسرائيلي الحرب الحالية وهو يمتلك القدرات العسكرية الأكثر تقدماً في الكشف عن الأنفاق ورسم خرائطها وتحييدها وتدميرها. ومع ذلك، فإن هذا التقدم لم يردع “حماس” عن الحفر ولم يقلل من التحدي المتمثل في القتال في بيئة تحت الأرض، كما أن أكثر الوحدات الإسرائيلية تخصصاً تعرضت إلى كمائن عند مدخل الأنفاق.
وكشفت “فورين بوليسي” الأمريكية أن الحرب الحالية أوضحت أن هناك جيلاً جديداً من أنفاق “حماس”، فالشبكات الحالية أعمق وأكثر صلابة، وتشبه أنفاق التسلل الكبيرة في كوريا الشمالية، إذ استخدمت “حماس” تقنيات حفر متقدمة، ونقلت قدراتها تحت الأرض إلى المستوى التالي.
وبحسب المجلة فإن فتحات الأنفاق التي بنتها “حماس” هي في الأساس ثقوب قاتلة في الأرض، تختلف من حيث الحجم والشكل وعادةً ما تكون مموهة ومفخخة، إنها تؤدي إلى مهاوي الأنفاق وهو جزء من الهيكل الجوفي المستخدم للتغلغل في عمق الأرض والوصول إلى شبكة أوسع من الأنفاق.
وخلال عمليات التمشيط الإسرائيلية كشف الجنود عن مئات حفر الأنفاق الأمر الذي جعل التقدم معقداً، كما أن هذه الفتحات مكنت مقاتلي حماس من الخروج من الأرض، لإطلاق النار من الأسلحة الآلية أو قاذفات الصواريخ على القوات الإسرائيلية.
إن الأمر الأثمن في هذه الحرب هو الوقت، حيث تعمل القوات في بيئة عسكرية معقدة تجمع بين حرب المدن وحرب الأنفاق وعمليات البحث والإنقاذ، الأمر الذي يتطلب تحديد موقع بقية الأنفاق، والعمل حول الشراك الخداعية، وتجنب الهجمات المفاجئة.
لذلك، فإن الأنفاق أدت إلى زعزعة استقرار القوات الإسرائيلية، وتسببت في خسائر فادحة، وأخرت نهاية الحرب، وبالفعل، أصبح من الواضح أن “إسرائيل” لا تستطيع اكتشاف أو رسم خريطة لكامل شبكة أنفاق “حماس”. ولكي تعلن “إسرائيل” أنها حققت أهداف الحرب فعليها أولاً أن تدمر ما لا يقل عن ثلثي البنية التحتية تحت الأرض لـ”حماس”.
وختمت المجلة الأمريكية تقريرها بقولها: بينما تتحرك “إسرائيل” لتدمير شبكة أنفاق “حماس” تحت الأرض، تبقى القوات تحت النار، ويتم اكتشاف أنفاق إضافية كل يوم، قد يستغرق إكمال هذه المهمة بضعة أشهر أخرى، ففي حرب الأنفاق التي تتطلب القدرة على التحمل والوقت والمثابرة، فإن إنهاء الحرب قبل الأوان قد يعني الهزيمة. ولتجنب مثل هذه النتيجة، فإن قدرة “إسرائيل” على تحديد جدولها الزمني أمر أساسي.